لا تنتهي حرب إلا بحكمة الأشقاء العرب الذين يبقون الدرع والحضن… بقلم ميشال جبور
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/
لا شك بأن الخارطة العربية تشهد الكثير من التقلبات الإقليمية والدولية خاصة في الآونة الأخيرة بسبب عدة متغيرات قد تنعكس إيجاباً أو سلباً حسب المنحى الذي تأخذه، وفي بعض الأحيان تأخذ شكل حربٍ آثمة مثل التي شنتها مؤخراً إسرائيل على القدس وغزة فكانت هزيمتها مدوية.
هذه الحرب استدعت الرد على كل الأصعدة فلم يبقى فلسطيني واحد قادر على حمل السلاح إلا وواجه الإحتلال بصلابة قل نظيرها، فسجلت فلسطين انتصاراً بكل ابنائها وفصائلها وعلى كل أراضيها. ولكن هذه الحرب استدعت أيضاً رداً دبلوماسياً ولوجستياً رفيع المستوى ودقيق الإستهداف قامت به الدول العربية على المستوي الدولي ومعها كانت الإمارات التي ومنذ اليوم الأول استنكرت تعنت العدو واجتراعاته في القدس وقطاع غزة واستهجنت أفعاله على الرغم من مفاوضات التطبيع التي تحاول إسرائيل تسريع وتيرتها نظراً للعلاقة العميقة التي تتمتع بها الإمارات دولياً ومع معظم الأفرقاء الفلسطينيين، فالإمارات هي الدولة التي استطاعت بدبلوماسيتها الرفيعة إيقاف ضم الأراضي الفلسطينية في ظل إدارة ترامب في آب الماضي وهذا يشكل علامة فارقة في العلاقات التي نسجتها الأمارات على مر الزمن.
وبالفعل جهدت الإمارات في سبيل التوصل لوقف إطلاق نار عبر المنابر الدولية ولم تبخل بشيء في دعم الشعب الفلسطيني بمقومات الصمود بطريقة راقية واضعة كل إمكاناتها بتصرف الفلسطينيين ولم تترك فلسطين لوحدها عكس ما تحاول بعض المنابر الإعلامية ترويجه فمنعت مع مصر امتداد رقعة الحرب في منطقة لا تتحمل الحرب.
الإمارات هي من الدول العربية الفاعلة والوازنة التي لا تساوم على القضية العربية والشعب العربي لكن لديها أسلوبها السياسي الخاص والناجع وهي تسعى للخير العربي العام مع ضمان مستقبل شعبها واستثماراتها السياسية والإقتصادية والعلمية وهذا من أبسط حقوقها.
يُشهد لها وقوفها مع فلسطين وقفة صمود ودعمها المطلق وترفعها عن الصغائر، فهي لم تفرق بين أي فصيل فلسطيني أو آخر رغم الهبوط الذي تتشح به علاقتها مع حماس وبالوقت عينه التناقضات التي تلف علاقة حماس بالإخوان المسلمين. يحق للإمارات أن لا تستجلب الحروب على نفسها في كل مرة يحاول فيها المحتل التغول على القدس أو غزة لكنها صاحبة رؤية عربية صرف وخطة مستقبلية فلم تألو جهداً كي تدعم الحلول على الساحة الفلسطينية بحنكتها السياسية وهذا ما يستحق أن يُقال به كلمة حق، فليست الرجولة والشهامة في استجلاب حروب أو خوضها لكن الرجولة والشهامة تكونان في الدفاع عن فلسطين العربية وضبط إيقاع السياسة وخلق فرص التقدم للأفضل عربياً ودولياً والإستجابة لطموحات الشعب العربي ككل بدل الوقوف على الصغائر وتبادل اللوم والإتهامات في البيت العربي الواحد لا تؤدي سوى للبعد والفرقة، أما عن التصريحات فيحق لأية دولة أن تصرح بما يتناسب مع مصلحتها وسياستها وإن قصرّت مع محيطها فعندها يمكن لومها.
كم نحن اليوم بحاجة لمن يفهم التوازنات الدولية كالإمارات ومصر وما أحوج القضية الفلسطينية للدعم والحضن العربي والإبتعاد عن المماحكات،فلا حرب تنتهي إلا بحكمة واحتضان الأشقاء الكبار.
المحلل والخبير بالشؤون الفلسطينية ميشال جبور