الشاعر سمير علامة يحاور شجرة اللوز في قصيدة زهرة اللوز…..

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

الشاعر سمير علامة الذي كثيرا ما تغنى بزهر البيلسان وأصدر ديواناً بعنوان (اشواق البيلسان) منذ سنوات عدة، مع غيره من الدواوين … وكتب لغوية أخرى. على ما يبدو سحرته شجرة اللوز المشعة بزهورها أمام منزله. والتي تمازج في زهورها كل هذا الرونق الأبيض مع نسائم الرقة والجمال والروعة. فصورها بأجمل الشعر، الذي أخذه بعيداً بحوار شفيف معها، ليستمع إليها كقاضٍ، وسط محكمة وحراس ومحامين ومساعدين.
فهي اتت إليه حزينة باكية، لتقدم له شكوى شفهية من دون تدوين، عبر أسئلة عميقة جداً، اختلطت فيها اللهفة بالحيرة، تطلبُ فيها إجاباتٍ فورية، فلا صبر لديها، حول من اعتدوا ويعتدون عليها بشكل دائم….حيث قال في مطلع قصيدته:
(تسائلني شجرة اللوز).
هذا وحددت شجرة اللوز من هو هذا الذي يعتدي عليها من دون أي ذنب اقترفته، ولا خطأ ارتكبته.
إنها الريح وحدها هي المعتدية، تلك التي تهب عليها غيرة وحسدا فتجعل زهورها (ذابلة منثورة في العراء)، بل في مهب الريح.
وتتابع شجرة اللوز في محضر شكواها: بأنها كثيراً ما توسلت هذه الريح لكي تتركها بحالها، وتكف شرّها عنها، ولا تطفئ قناديل زهرها البعيدة جدا، والتي تعيش كالنساك والمتصوفين بين الضباب والغمام، كملكات العطاء الزاهيات، تعانقها هائمةً أسراب النحل لتجني العسل الطيب، وتهبه للآخرين. وعصافير المطر الحائرة والمحملة بالأسئلة الكثيرة، والتي لا أجوبة عليها لحد الآن….مؤكدة بأن الريح لم تصغ ِ اليها، ولم تسمعها، فلا أذن لمن تنادي……..

فيجيبها الشاعر الذي أفرحه أنها لجأت إليه وحده من دون سائر الناس، واعتبرته ملاذا ينجدها، رغم شكواها جرّاء ما حلَّ ويحلُّ بها من ظلم، وخاطبها بالقول: بانك لستِ وحدكِ المظلومة في هذا العالم، فأنا مثلك تماماً، نحن نشبه بعضنا بشكلٍ كبيرٍ يا صديقتي، وما يصيبكٍ هو نفسه واقعٌ أنا فيه، بل غارق حتى الأعماق. ومفاده أن رياحا عاتية، من رمال وغبار، تهب على جسدي النحيل من الطين والماء، وتعتدي عليه، فتذرو أيامي هباءً، ليأخذني العمر بعيدا، متجاوزة حساباتي وتوقعاتي كلها، منذ الماضي الذي انسحب على حاضري وليس فقط بل على مستقبلي القادم،.
فأنا لم أحسب لكل هذه الإعتداءات الحالية حساباً، رغم حدسي الذي قلّما لا يصيب، فأقف مكتوف اليدين …لا أستطيع أن أحركَ ساكنا، فـ(ليس في اليدِ حيلة أو قرار). معترفاً ومقراً بأني لا أعرف شيئا عن المصير، فالمصير مجهولٌ مجهول.
وكل ما أعرفه أني موجودٌ هنا، على وجه هذه البسيطة، وسط كومة منشورة من الشرائع، تحوم حولي وتتمسك بي وتتدخل بشؤونه كما تشاء….
وجل ما أعرفه أيضاً أني أنهض صباحا على ايقاع شعاع شمس مشرقة حقيقية زاهية جميلة، لتغيب بلا وداع في المساء، حاملة معها كل ما دار أمام عينيها في وضح النهار، ليستلمه منها كفُّ المساء، ويغيب في سواد الليل الحالك….

لترتسم هنا قصيدة (زهرة اللوز) لوحةً فلسفية خالصة… صوفية بامتياز، تختصر كل هذا العمر، وهذه الحياة، التي ما إن تريك بهجتها الصارخة في صباحاتها الأولى، فتسرع وراءها متأملا كل الآمال، حتى تكتشف أن لا شيء هناك، وأن المساءات آتية بسرعة، رغم كل المعاني التي جنيتها خلال هذه المسيرة الحياتية المتنوعة الألوان….
صحيح أن المعاني باقية…. وهي دائما سامية…..
لكنها برأي الشاعر….لا تكفي…..

فإلى القصيدة:

زهرة اللوز
————-
تسائلني شجرة اللوز
التي تطل على شرفتي.. هذا الصباح،
ما بالُ الريح العاتية
تهب على زهوري الطرية
تنثرها طعما للذبول في العراء…
وكم توسلت تلك الريح
أن لا تطفئ قناديل زهري
المعلقة بين الضباب والغمام،
تعانقها هائمةً أسراب النحل ,
وعصافير المطر الحائرة،
فتهل في الخاطر أصداء فرح وغناءْ..,
– أنا مثلك يا صديقتي
تهب على كياني الهش من طين وماء
رياح من رمال وغبار
تذرو في الهباء أوراق أيامي
وما في اليد حيلة او قرار،
وما عرفتُ من سر المصيرشيئا
سوى أنني عبد شرائع تقلبني كما تشاءْ
وأنَّ شعاعا ينشره صباح
لا بد أن تلملمه كف المساء
17/3/2023
قصيدة زهرة اللوز
منقولة عن صفحة الشاعر….

سليمى حمدان – كواليس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!