“عيونّا عليك وعينك عل قربان”…بقلم إيلي نمر
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/
“أبونا منصور”،
نداءٌ أصبح مطابِقًا لقريةٍ جميلة بأبنائها وسخيَّة بعطائها. إنَّه الخوراسقف منصور الحكيّم، ومن لا يعرف هذا الجليل الـمثقّف؟ ومن لا يرهبه؟ رهبة الرّجال العظماء.
سنشتاق لكَ يا “أبونا”، نعم، هو أبانا الحنون الّذي كان همّه الكبير أن يجمع أبناء قرية القليعة صَفًّا واحدًا. فاليوم، قريتنا حزينة، متألِّمة لأنّها فقدت من اختار بـمشيئة الله أن يكون من أبنائها. فهو الّذي نَقَل سجلّ نفوسه من قضاء البترون إلى قرية القليعة قضاء مرجعيون. فمنذ أكثر من نصف قرن، جاء الأبونا بطاعة الرّؤساء كي يخدمَ رعايا الـمنطقة، لـمدّة شهرين ثمّ يتمّ نقله إلى مكانٍ آخر، ولغزارة النّعمة هذان الشّهران أصبحا سبعًا وخمسين سنة، أكثر من نصف قرنٍ لا يـملّ ولا يتعب، كان جاهدًا فقيرًا طائعًا جليلاً. كان كريـمًا وسخيًّا، عطوفًا على الـمحتاج والضّعيف، يجمع بين الغنيّ والفقير، يُرشِد، يعلّم ويعطي الأسرار لتقديس النّفوس وخاصَّةً من خلال الذّبيحة الإلهيَّة. واليوم، لا تـمنعنا جائحة كورونا أن نجتمع سويًّا، فكلّنا مجتمعون معًا في قوّة الرّوح على نيّته، نجتمع صفًّا واحدًا بالصّلاة. لا بالحضور بل بالرّوح، لا بالـمظاهر بل بالتّقوى.
في الخامس عشر من شهر كانون الثّاني سنة ألفٍ وتسعِ مئةٍ وخمسٍ وثلاثين وُلِدَ منصور في قرية عرطز، قضاء البترون، بجانب دير مار يوحنّا مارون الّذي أسَّسه القدّيس البطريرك نفسه، وليس صدفةً أن ينطفىء قنديل منصور في الثّاني من شهر آذار في العام الجاري، في عيد القدّيس نفسه. في عيد مار يوحنّا مارون، أيبقى يومًا حزينًا؟ أيكون يومَ صلاة؟ من الـمؤكَّد والأكيد أنَّه يوم رجاء. رجاءُ القيامة، فهو لـم يـمُتْ بل دخل الحياة، وها هو اليوم يلتقي بالـملائكة والقدّيسين، ومن بينهم القدّيس جرجس الشّهيد، والقدّيسة تيريزيا الطّفل يسوع والقدّيس يوحنّا الـمعمدان وطبعًا الشّفيعة الدّائـمة العذراء مريم.
“أبونا منصور” تخلّى عن ماضيه، فتحلّى بحاضره واليوم تجلّى في سماء الأبرار والقدّيسين حيث يلتقي وجهًا لوجهٍ مع الربّ يسوع الـمسيح.
بقلم إيلي نمر
القليعة 2 آذار 2021