بندقية في يد… وباليد الأخرى غصن زيتون…وعند الخطر، خمسة ملايين كوفية بوجه العدو .. بقلم ميشال جبور
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
لا نضال يُختزل بعبارات مهما كانت شديدة، ولا تضحيات تُمحى بمصافحات مهما كانت الظروف، إنما كل النضالات والتضحيات التي تصب في سبيل قضية صارخة في الحرية وحقوق شعب في تقرير مصيره فهي تهز الجبال وتحرك العالم وتبقى ثابتة، وهذه هي القضية الفلسطينية التي يناضل لأجلها وتُبذل لها التضحيات الجزال في رؤية متقدمة وإصلاحية بثبات ومثابرة.
مرّ الزمن وأكل الدهر وشرب على استغلال القضية الفلسطينية كورقة إقليمية لأجل مكتسبات سياسية ضيقة، فقد حاول أكثر من فريق عربي، وعلى مر السنين، وضع يده على القضية الفلسطينية وتجييرها سياسياً وعسكرياً لغاياته ومآربه وفقط كي يخرج بمظهر القطب القوي في المعادلات الإقليمية والنتيجة، حُشرت القضية المركزية في زاوية الإرهاب وأُتهم معظم المناضلين بأنهم إرهابيون ومرفضون في المجتمع الدولي،وأمام تراجع الصوت العربي المنادي بحق الشعب الفلسطيني برزت محاولات سعت إلى توحيد الصف الفلسطيني لكي تتحرر القضية من قيود الإستغلال، فالموقف الفلسطيني الموحد هو الذي يجبر ليس فقط الدول العربية بل دول العالم كلها على احترام رغبة الفلسطينيين بتقرير مصيرهم وبناء دولتهم بالشكل الذي يرونه مناسباً وليس على مقاييس محور ما أو دولة ما.
وفي التاريخ الحديث،دول عربية فاعلة في جغرافية الوطن العربي،مثل مصر والأردن، سعت لحلول سلام، كل على طريقتها، تجد فيها حيز حقيقي وواضح لحل ناجع للقضية الفلسطينية وحقناً للدماء والإستنزاف الذي تشهده هذه القضية المركزية، فقد أنهكت الحروب كل الشعوب وآن الآوان للوصول إلى حل، فكانت المبادرة العربية وحل الدولتين.
غير أن بعض ساسة إسرائيل يحاولون دائماً الإلتفاف على الحلول لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية العربية، فأتتهم الإمارات بموقف متقدم على الساحة العربية، وأعلنت عن اتفاق تطبيع مع إسرائيل ومن خلاله أوقفت محاولات نتنياهو الأخيرة لضم أراضٍ فلسطينية جديدة إلى أحلامه، فانطلقت ألأبواق المشيطنة كعادتها،خائفة من خرق مواقفها التي أصبحت بالية ومتأخرة تجاه القضية، وبدل أن ترى في موقف الإمارات دفعاً وتحريكاً جديداً لعملية السلام، انبرت إلى التلطي خلف تصوير قياديين فلسطينيين مناضلين معروفين بصداقتهم العميقة للإمارات بأنهم شياطين العصر وبأنهم خنعوا أمام التطبيع وخضعوا لرغبات الإمارات، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة بل هذا مجاف للواقع ولا يصب سوى في تعجيز القضية وتقييدها وتكبيلها بنهج أنزل بالقضية الخسارة تلو الأخرى وأضعف رقي القضية عبر بث النميمة بين الأفرقاء الفلسطينيين وإبعادهم قلباً وقالباً عن المصالحة والمصارحة والشورى في البيت الفلسطيني الواحد.
إن الإمارات بموقفها الذي يراه البعض صادماً، وعليه أن يراجع نفسه ومعلوماته جيداً فتاريخ الإمارات الأبيض مليء بعمق احتضان الشعب الفلسطيني ومساعدته والوقوف دائماً بجانبه ومساندته عربياً ودولياً كما واكتناف أكثر من ثلاثمائة ألف فلسطيني يعملون ويسترزقون في أفضل الظروف المؤمنة لهم، إنما هو متمايز ورزين، فما الفائدة من التعنت والرفض دون إيجاد حل، بل وأكثر، إيجاد مشكلة لكل حل كما يحاول البعض مختبئاً وراء ممانعة غير ممتنعة فقط لوضع العصي في الدواليب، فإما أن يخرج الحل من قبعته أو لا حل.
وفات البعض أن ينتبه أن الإمارات لم تتخلى عن احتضانها للشعب الفلسطيني ولم تنتقص أية كلمة أو موقف أو سيادة الشعب الفلسطيني، فهي تريد الدفع باتجاه تحريك الحل، حل الدولتين، فإسرائيل قد قضمت من مفاعيل القضية أكثر بكثير مما قضمت من الأراضي، وهنا يقابل الإمارات في قرارها الكثير من الفلسطينيين الشرفاء والعديد من المناضلين الذين يرون كل مبادرة عربية فرصةً للإصلاح وتعزيز الموقف الفلسطيني واستعادة الزخم العربي، فهم على يقين بأن الإمارات لا ترتهن لأحد وكذلك هم، والتمايز في المواقف هو ما يشد أواصرها، وقد أعرب الكثير من القياديين عن الثابت الوحيد في كل المعادلات، وهو النضال بشكل مترفع وراقٍ لأجل القضية متسلحاً بمحبة ومساندة كل الدول العربية وعلى رأسها مصر والإمارات والكويت، فيقابلون كل طالب سلام بغصن زيتون، فهم يبحثون عن الحياة بثمن يستحق وليس فقط بالموت، أما إن دعت الحاجة وعاد العدوان فتعود البندقية، فكل مناضل عن القضية وهو تلميذ مدرسة ياسر عرفات، لم ولن يتخلى عن كوفيته وبندقيته أمام المعتدي،لكن الشجاعة في القتال يجب أن تقابلها الشجاعة في صنع السلام، والثبات والرصانة دائماً في خدمة القضية المركزية العربية.
ميشال جبور