الوتر يصرخ متالّمًا باكيًا:واه إيمان!…بقلم سلام اللحام

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

عشر سنوات على الرّحيل ،ولا يزال الوتر يشتاق صارخًا  متألّمًا :واه إيمان !نحن بشوقٍ إليك وإلى أناملك التّي تسكب الحبّ والنّغم في الفردوس،  أيّتها المسافرة إلى مسكِن أكثرَ راحةً وأقلّ شقاءً، هلّا تعزفين  لنا مع الملائكة معزوفة الخلود؟!، أيّتها المرأة العاشقة الحالمة المثابرة المكابرة والصّابرة على آلامها وأوجاعها ،هلّاأخذتِ كنّارتكِ وعزفتِ لنا مع داود وجميع الصّديقين أنشودة الخلود؟!.

لقد غابت إيمان حمصي، «سيّدة القانون»، بعدما احترفت العزف عليه احتراف الموسيقيّين الكبار، ومنحته هالة وحضورًا ساطعًا نادرًا ما عرفه بصفته آلة وترية شرقيّة. وهي الّتي يكمن سرُّ قوتها  في إصرارها على منح القانون وظيفة مستقلة، إضافة إلى كونه آلة ترافق الفرقة العازفة وتؤدي دورًا في بناء الأعمال الموسيقيّة وتلوينها. فقد جعلت منه  آلة مميّزة راحت تعزف عليه وحده مانحة إياه حيزًا إبداعيًّا عميقًا، مضفية إلى أوتاره مواصفات ميلودية وهارمونية غير مألوفة. ولعل المقطوعات التي ألفتها للقانون أو القطع الموسيقيّة التي خصّته بها، خير دليل على فرادة التّجربة التي خاضتها في هذا الميدان.

إيمان حمصي العازفة البارعة والحسّاسة،خاضت تجربة موسيقيّة مضنيّة في زمنٍ فرَضَ التخلّي عن القيَم الفنيّة كشرطٍ للانتشار والوصول. لكنّها تشبَّثت بقناعاتها في وجه ما يمكن تسميته «تبييض أموالٍ فنّي»، واستطاعت بمثابرتها واجتهادها وجدّيتها أن تصل إلى مكانة مرموقة في عالم النّغم ، وفي قلوب المحبين .نعم  لقد زرعت الفرح رغم ألمها ومرضها ،وهي المرأة المناضلة الجبّارة المتمسكة بحب الحياة وقدسيّة العائلة،وهي القائلة: “ليس الموت بالشيء المهم،هو انتقالٌ من غرفة إلى غرفة ،فإياكم والبكاء.إضحكوا واستمرّوا في الضّحك ، واذكروني دائمًا ، وتحدّثوا عنّي وكأنّني حاضرة بينكم ،وأحبّوا الحياة” .

نعم لقد مرّت السّنوات العشركوميض البرق وكشعاع نور يتهادى من بعيد ،رحلت إيمان حمصي في مثل هذه الأيام من شهر نيسان ،حيث الشّمس تنسكب ألقًا ووهجًا فتعانق الأثير.رحلت إيمان  وهي نازلةٌ عن جلجلتها ،عازفةٌ أناشيد الحبّ اللامتناهية ،تاركة لنا القافية السّحرية في حروف اسمها ،والتّسجيلات الّتي لم يتسنَّ لها نشرها،ومسوّدات المنهج الذي كانت تنوي كتابته عن عزف القانون العربيّ بالأصابع العشرة. نعم لقد رحلت إيمان لكنَّ أناملها باقية لتعزف لنا حتّى اللانهاية !

سلام اللحام