شغفُ الحياة … بقلم فرح نسيب نصر
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
الشغف نصيبٌ وقدرٌ
في أعماق الوقت شغفٌ مستورٌ يختبئ كالطفل الخجول خلف سواد العيون، ويلبس ألوانها، ويبقى رمادي اللون من دون صبغة تمنحه الهوية والحضور، يبقى ذلك الشغف مستوراً وخائفاً من وهج الضوء أن يحرقه، ويبتعد عن الظلام كي لا يميته، فيبقى في الوسط حائراً مجهول المصير إلى أن يحين وقت النضوج ليتحول إلى فراشة تعشق النور وتلاحق الحرية بكل حواسها التائهة، وتلبس ألوان العيد وتزينها لتزيد الثياب جمالاً، وتلبس ثياب الحزن لكن لمدة قصيرة لإيمانها بأن الفرج نافذته واسعة، ولا بدّ أن يستقر يوماً ما بجانب شرفتها.
تلك الفراشة الجميلة أي الشغف العميق، يولد بالفطرة في قلب معين. إنه ينام، يتوه في مفارق الحياة، لكنه لا يموت بل يتجدد ويتقمص أدواراً تناسب كل زمان ومكان.
الشغف يولد كالسيف الذي يعرف بيته وفارسه، ويعرف سلامه وحربه، فممكن أن يستوطن الفنّ أو العلوم أو الفلسفة أو تفصيلاً مبعثراً في شرودنا، أو ممكن أن يستوطن حلماً معيناً نضج في اللاوعي إلى حين أن يزهر في وعينا.
الشغف نصيبٌ وقدرٌ، فهو لم يكن يوماً من نسج أيدينا ولا من آمالنا، لذا خُلقنا جميعاً بشغف يكره الاختباء، ويعشق الحرية بشغف فولاذي يحطم القيود والحواجز حتى تصبح وقوداً لمسلكه الطويل وبخوراً مباركاً بوجه الصعاب.
لذا، من لم يكتشف شغفه بعد، لا يجب عليه أن يصافح اليأس ويجاريه، فالسلام مع اليأس هو أعنف حرب على النفس والروح.
الشغف موجود بكل كيانه، لكن زحمة الحياة بقشورها العابرة، وصراعات المشاعر بسوداويتها، قد تغتاله، فتتركه شهيداً في أحضان الخيبة ينعاه الفرح ويبكيه وجداننا.
فرح نسيب نصر – النهار