فيروس…بشكل انسان والحل الحجر الفدرالي .. بقلم ميشال جبور

 

مرض العصر كما يبدو… ليس الكورونا… مرض العصر هو اللامبالاة والإستهتار بحياة الآخرين، مرض العصر هو الغباء، فالعالم أجمع على محاربة الكورونا ومكافحة تفشيها عبر الحجر الصحي والوقاية وهنالك من لا يزال يقيم لها احتفالات بدعوات عامة…
طرق فيروس الكورونا باب لبنان، فالتزم الشعب بغالبيته بالحجر المنزلي لكسر سلسلة تفشي هذا الفيروس الذي أجمع العالم على تسميته “القاتل الصامت”، ولكن مع كل الدعوات والإرشادات التوعوية،ومع كل حملات وزارة الصحة وإعلاء الصوت ومع كل تشدد قوى الأمن والجيش في التعبئة العامة وحظر التجول بعد الساعة السابعة، نرى من يصر على انغماسه في العته الأخلاقي، مستجلباً كل رعونة وكل بلاهة في تعاطيه مع وضعٍ صحي أدمى أكبر دول العالم، ويسمي نفسه شريكاً في الوطن، وأي شراكة وعيش مشترك عندما نحجر على أنفسنا في مناطق معينة بينما شريكك في الوطن يحضر لك مصيبة فيروسية!
تظاهرات لا طائل منها في طرابلس،تلك المدينة التي أغنى رجالات لبنان هم رجالاتها، شعبها يكتظ في الطرقات تحت عنوان تغليب السذاجة والشعبوية في موضوع صحي عالي الدقة والخطورة، طبعاً الجوع كافر، ولكن قلة الوعي وقلة الدراية هي أقوى فيروس يضرب المجتمع وستلحقه الكورونا وتأخذ مجدها، فتلك التجمعات هي مشاريع لتفشي الكورونا، وعاجلاً أم آجلاً ستظهر المصيبة ويكون قد فات الآوان، يمكن معالجة الجوع بسرعة ولكن الكورونا إن تفشت فلن يكون هنالك وقت حتى للإحساس بالجوع.
والمشهد المخيف يتكرر في الضاحية بسبب قلة الوعي رغم التحضيرات الهائلة لمكافحة الكورونا غير الدراجات والعراضات تملأ الشارع وهذا غير مقبول، وفي سعدنايل، تضارب واشكالات بين الأهالي مما اضطر الجيش للتدخل، وهذه نصف المصيبة، فالمصيبة، هي عندما يبدأون بفحص انفسهم ويظهر مدى التفشي، فمن قارن اصابات المناطق بالأعداد منذ اليوم الأول، فاته أن مناطق بيروت والمتن قد ارتضت الفحص كي تجنب أهاليها الكوارث الأكبر ولدرء الخطر عن المجتمع، فماذا عن تلك المناطق المتفلتة من كل وقاية، ماذا سيحصل عندما تظهر الإصابات، ماذا سيحصل عندما يكتشفون أن هنالك حتى لو اصابة واحدة بينهم، سيندمون وسيكون قد فاتهم درهم الوقاية وربما لن يكفيهم قنطار علاج.
أما الجائزة في عدم المسؤولية تذهب لمن يجب أن يكون مثالاً في المسؤولية والإلتزام، نائب كتلة المستقبل وليد البعريني الذي وبكل استهتار وقلة وعي يجول ويصول ويوزع المصافحات للحشود، حشد فيروسي كوروني،فإن كان ذلك النائب غير مبال بصحة أولاد منطقته وجماعته فكيف يكون نائباً عن لبنان والأمة!
أليس من الأجدر أن يوجه إليه إنذار شديد اللهجة يصل إلى حدود سحب النيابة منه إن استمر بتعريض صحة الناس للخطر… انتقال العدوى بهذا الفيروس هي صامتة ومتخفية ولا تكشر عن أنيابها إلا بعد اسبوعين، فبماذا سيبرر سعادة النائب استهتاره أمام الناس عند أول اصابة في منطقته،هذا ما نسميه العته الإخلاقي.
هذا غيض من فيض اشكال التفلت والإستهتار بصحة وحياة الشركاء بالوطن، فمن المفترض أن نعيش العيش المشترك وليس أن نموت بالكورونا موتاً مشتركاً، وإن كان ولا بد، وإن لم يلجموا هؤلاء جماح استهتارهم وإن لم يكفوا بلاهم عن اخوتهم في الموطن فليحجر عليهم داخل مناطقهم بعيداً عن الكل، فهؤلاء هم الفيروس بشكل انسان ولا يسعنا أن نتخلص من هذا الفيروس سوى بالحجر… الحجر الفدرالي.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى