“ليلَةٌ فِي حُضنِهِ” شعر : فرح فؤاد عامر

 

 

“ليلَةٌ فِي حُضنِهِ”

ذَاتَ ليلةٍ كانَ المَبِيتْ
في سريرٍ منْ دفئٍ مصنوعْ
وكنتُ حينَها قدْ نسيتْ
الفرقَ بينَ مسموحٍ وممنوعْ

كُنتُ جسداً بِحكْمِ الميّتِ
أعضاءً تعمَلُ كآلةْ
كنتُ أوجاعاً أنسَتنِي روحي
لأشربَ عقلانيةً حدَّ الثّمالةْ

أمّا حينَ إرتميتُ فِي حُضنِهِ
فكأنَّ الدّنيا حروبٌ
وحماني فِي حصنِهِ
وبِتُّ بمأمَنٍ وسلامْ
أتنفّسُ حبّاً.. هُيامْ
وأفتحُ عينيَّ لأعيشَ حقيقةً
ما إقتصرَ سابقاً على الأحلامْ

ليلةٌ فِي حُضنِهِ
حاوطَ الرّقيُّ الجموحْ
واحدةٌ.. بالفعلِ لمْ تَكُنْ قليلةْ
غمراتُها صلواتُ روحْ
لإدخالي الجّنّةَ قادرةٌ كفيلةْ
تُمَكِّنُ المستحيلَ
ترفُضُ من هو في المشاعر بخيلَ
من غمراتِها الأخرسُ يبوحْ
لها التّقدير والتّبجيلَ

تذوّقتُ ليلتها أشهى أنواعِ القُبَلْ
وأشدّها صلاحيةً وجودةْ
عِشتُ حينَها أعمارَ الأزلْ
خِلالَ ساعاتٍ معدودةْ
كانَ في الخارِجِ البردُ قارسَاً
وداخِلَ حُضنِهِ نقيضُ البرودةْ
دفئٌ غريبٌ يُشعِلُ الشمسَ غيرةً
ويُلقّنُ البركانَ درساً في النيران الودودةْ!

صدرُهُ كانَ سَريرِي
ويداهْ لجسدِي الغِطاءْ
وسادَتِي فوقَ قلبِهِ
مُحاكَةٌ من نجومِ السّماءْ
تدقُّ نبضةً نبضةْ
ليشُدَّ على ظهريَ القبضةْ
ويدخِلَنِي فِي جَوارِحِهِ أكثرْ
حَتّى يُقطَعَ بينَنا مرورُ الهواءْ

ليلةٌ فِي حُضنِهِ
أجمَل مِن أيّ حُلُمٍ ومَنامْ
جعلتني أشتاقَها كلَّ الأيّامْ
عشتُ فيها الحُبَّ أكوامَاً أكوَامْ
والشَّغَفَ والجنونَ ونشوةَ الغَرَامْ
ليلةٌ فِي حُضنِهِ أيقَنتُ بعدَهَا
أنَّنِي لم أعرفْ قبلاً معنّى النّومِ بسلامْ

فرح فؤاد عامر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى