كتاب مفتوح لسيادة المطران بولس عبد الساتر بقلم ميشال جبور

 

▪كتاب مفتوح لسيادة المطران بولس عبد الساتر الذي نرى به أبينا في أنطاكيا وسائر المشرق، وأينما وُجد اللبناني… ▪

سيادة المطران بولس عبد الساتر، في عيد القديس مار مارون، مارون القداسة والعزيمة والترفع عن شهوات العالم، مارون الناسك والمعلم والقديس، قوة مار مارون انطلقت بكلماتك بأصدق كلام وأجرأ عبارات وكم نحن بحاجة كنا دائماً ليس لكي نسمع وحدنا بل لكي يسمع الحكام بصوتك الصدّاح كلمة الثورة التي يجب أن يعيشها كل لبناني،
سيادة المطران، من كاتدرائية مار جرجس وأنت راعي أبرشية بيروت، بيروت أم الشرائع، بيروت الأبية، أعدت إلينا عنفوان الثورة الحقيقية على الفساد والظلم، فبعظتك ذكرّتنا بثورة يسوع المسيح الثائر الأول، طارد تجار الهيكل ومحتكري قرار الشعب فأعدت كلٍّ إلى حجمه، بعظتك الجبارة كسرت حواجز الطغيان وجدار الخوف فحضنت بكلامك كل مريض وكل معوز وكل فقير وكل خائف وكل جائع بحنان قداسة كلمات الرب،
شائت الظروف أن يتواجد تحت سقف بيت الرب كل حكام لبنان، لبنان يُصلب أمامهم وهم يتفرجون، لبنان يدمي بسببهم وهم يشيحون بوجهم عن لبنان، فصفعتهم بجبروت القديس مارون وأنصفت كل أطياف المجتمع اللبناني عندما توجهت في حديثك لأهل السلطة وصوبت بجرأة إلهية كل مجريات الأمور، قلت لهم “ماذا تنتظرون؟”،
بهذه الروح العالية أثلجت صدر كل لبناني يعاني من تسلطهم ومكابرتهم الفاشلة، وقلت “ما قيمة الإنسان إن كانت حياته عقيمة؟” وبهذه الكلمات أحييت النبض في الناس الذين يئست قلوبهم من الخفقان جراء إمعان تلك الطبقة السلطوية بغدرها السقيم لمقدرات الوطن وإذلال المواطن على أبواب المؤسسات،
ذكرّتهم بأن السلطة وُجدت للخدمة، وليكن أكبرهم خادماً لهم، نعم، سيادة المطران، أهمية عظتك بأنها أعادت لكل اللبنانيين قديسيهم لأن المعاناة كانت كبيرة على مدى ثلاثين عاماً، معظمنا فقد الأمل وما بقي من الأمل في أولادنا سيجعلوننا نفقده، لقد خسر اللبنانيون كل قائد ماروني ولم يعد لهم قائداً يتطلعون إليه لأن الحكام إنغمسوا في لعبة المال والسلطة وإزدروا بالشعب حتى بات الموت أرحم أمام ضيق العيش، لكنك وبقوة الروح القدس التي بثها فيك الرب أعطيتهم الأمل من جديد، الأمل بوطن أفضل لأنك أظهرت للجميع كم حكامنا مخطئين ومتقاعسين بحق لبنان،
سيدنا المطران، حكامنا يرون في ثورة الشعب انتقاصاً لسلطتهم منقوصة الشرعية أصلاً لأنها لم تجلب سوى الويلات والخراب والدماء للبنان، أهم العقول العلمية تهاجر ومن يبقى ليناضل تهمشه سياساتهم ويدهسه اليأس،لكن بعظتك اليوم لقنتهم درساً، درساً لم يتعلموه بعد كل ما فعلوه بلبنان وبعد كل الشهداء الذين سقطوا بسببهم، اليوم وضعت لهم النقاط على الحروف وكانت كلمتك هي الفيصل والبيان البليغ، فرسمت لهم الخط الأحمر “الاستقالة أشرف”، الكلمة التي ترعبهم دججتها بوجههم بالقدرة التي أُعطيت لك من أعالي سماوات الرب، بعظتك طريق النجاة، بعظتك يعود نهج مار مارون، بعظتك ضخخت الدم الجديد بالثورة على الذل وسياسة الإفقار، بعظتك أرجعت لكل لبناني في لبنان والمهجر كرامته، لبنان للبنانيين وليس لمن تسول له نفسه أن يتقلد الحكم دون أن يتعب من أجل وطنه،
بحق المسيح الذي افتدى بموته كل البشرية، كانت عظتك نابضة بقلب العنفوان والثورة الحقيقية، كلماتك رفعت علم لبنان الإيمان والرسالة من جديد وضمائر الحكام ارتعبت وباتت ترتعش خوفاً من سقوطها في امتحان الكرامة أمام الشعب، وكل من يتجرأ على قول خلاف ذلك لا يتمتع بأية شرعية لا من الشعب ولا من الدستور، فمن على مذبح الكاتدرائية علمتهم كيف تكون التضحية لأجل الوطن ووضعت بين أيديهم خارطة طريق التوبة لأجل لبنان القداسة ولبنان الرسالة.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى