“لا”… وألف “لا” للمخدرات… بقلم لينا صياغة
التقيت رانيا بعد خمس سنوات من مرحلة التعليم الجامعي ، كانت بحالة يرثى لها ، يظُنُّ الناظر إليها بأنها تخطت الخمسين من العمر ، و هي ما زالت فتيّة ،
سألتها : ما بالك يا أختي ، لماذا هذا الشحوب في وجهك ، و هذا الهزل في جسدك ؟ ؟
تنهدت طويلاً و قالت لي أحسدكِ !!
تعجّبتُ من جوابها وقلت لها : لماذا ؟؟ ما الذي ينقصك ؟؟!! جمالاً وعلماً وأهلاً كراماً !!!
قالت لي : ينقصني التقدير لنفسي أولاً ، و لأهلي ثانياً ، و لزوجي ثالثاً .
قلت لها : كيف ؟؟
حينها سردت لي أنها انبهرت بقشور الدنيا وانحرفت عن القيم التي تربت عليها . كانت تُعاند أهلها ، و تخرج ليلاً الى الحانات ، حيثُ انجرفت بتعاطي المُخدرات على أنواعها ، و كانت السبب بإنحراف أخيها الأصغر أيضاً ، الذي توفي أثر جرعة زائدة ، مما جعلها تعدُلُ وتقرّرُ الخضوع لبرامج إستشفاء لفترة طويلة ، عند بعض الجمعيّات التي تُعنى بمثل هذه الحالات لقمع شبابنا عن التعاطي وتوعيته على مخاطره ، التي تُهِّدُ مجتمعاتنا وتوري شبابنا في الظُلمة والجهلِ والموت .
المُهم أنها بعد سنتين تعافت من نكبتها ، وحاولت إستجماع قواها ، لتُكمل مسيرتها في الحياة . فبعد سنة تزوجت بشاب لطيف ، لكنّها أيضاً لم تُحافظ على نعمتها وبيتها ، فكانت ترفض العيش قرب أهله وزيارتهم ، وتعاملهم بتعالي وقلة إحترام ، مما أدّى بعد فترة لنفور زوجها منها وفسخ زواجهما ، ونتيجة هذا الزواج ابنة و ولد .
سألتها حينها دون تردُد : هل تقبلين أن تُعاملك ابنتك نفس المعاملة التي عاملتِ والديكِ بها من قلة إحترام و تقدير لجهودهما ، كما علّماك وربياكِ وأرشداكِ .؟؟؟؟… وهل تقبلين أن تُعاملك بالمستقبل زوجة إبنك الذي تكدحين لترينه رجلاً ، كما عاملت أهل زوجك ..فهؤلاء أسرتكِ أيضاً !…!!!..دائماً رُدي أيّ فعلٍ تقومين به لنفسك ..عاملي الناس كما تُريدين أن يعاملك الآخرون . هذا هو قانون الحياة السليم . والأسرة ثم الأسرة ثم الأسرة … أكرًرها عليك لأن أسرتك الأولى تُنمّيكِ بالطريقة الصحيحة من زرع البذور الطيّبة والمُثل والأخلاق الحميدة والصحة ، والأسرة الثانية التي تنتقلين إليها هي التي تستفيد من البذور التي تربيت عليها ، فتقومي بغرسها عندهم ، والأسرة الثالثة هي ناتج الأُسرتين ، وهي الحصاد الذي بدوره سوف يصبح بذوراً لجيلٍ جديد . فردت باكيةً : هل عرفت الآن لماذا أحسدك .؟؟ إقتربت منها وحضنتها ، ثم قلت لها اعتبريني أختاً لك وأحبّيني ، لن اترككِ يوماً .
وما زلت حتى اليوم أزورها وأطمئن على حالها .. كُلنا معرّضون للسقوط في متاهات الدنيا ، لكن علينا الحذر من المحذور …لا للمخدرات لا للإستهتار بحياتنا وقيمنا لا لقلة الإحترام والمحبة .
لينا صياغة