لبنان الألم … بقلم هلا نجاد

 

هاتِ يدك! انتشلني من بحر الألم؛ أنقذ بقاياي فما عدتُ أحتمل الوجع!

ألمي يمتد داخل كياني..

رأسي “عكار” أهلكه الاهمال ينزف شهداءً أيام الحرب ويضمّد جوع الوطن خيرات ايام السلم.

“طرابلسي” تؤلمني، فكيف لعاصمتي الثانية ان تملك اعلى فئة للمحرومين بين مدن شواطئ البحر الابيض المتوسط؟

عيناي في الهرمل وضعها مرير وبلغت درجة الخطر، تنظر الى “بعلبك” الشمس القريبة من القلب والبعيدة عن مرمى اولويات الدولة، تحزن لواقع عروس البقاع البردوني المرير.

ومهد استقلالي راشيا هجرتها السلطة يوم استقلت من فرنسا ولم تعد، حالها حل جنوبي الذي نزف الشهيد تلو الشهيد لتحرير الارض ، وما زال يدافع ويقاوم اليهود للحفاظ على الماء والهواء والارض.

وصوري تعاند العدو وصيدا تقاوم ، تحاول ابعاد النفايات عن بحرها وبرها.

أما الناعمة فتطمر وجعها طمراً محاولة انبات حل عضوي منيع، عروس المصايف عاليه رُمّلتْ يوم زفافها دون سند.

أما قلبي “بيروت” فكم من قسطرة خُضعت لها لكي تبقى تنبض حياة و عطاء ، وما زالت تقاوم للبقاء…

 

أنا .. أنا لبنان .. كلّي ألم، ألمٌ رافقني منذ الولادة..

مذ تلك النزعة التحررية التي راودت الامير فخر الدين الثاني لكي يستقل عن العثمانيين وتوسيع الولاية الى دولة، مذ اجتمع بشارة الخوري ورياض الصلح وغيرهم لرفض الانتداب فناضلوا وأُسروا حتى نلتُ استقلالي كما قالوا آنذاك، ونفذ اليهود وعد بلفور ونلتُ منه عدوان وقصف واحتلال ودمار..

وجرحي بدأ يكبر ويمتد، رأيتُ أولادي يموتون أمام عيني دفاعاً عني ، ودّعتُ بعضهم عند مفترق لقاء على حافة العودة، وبقيتُ أنا معلّق على حبل أمل.

اختبرتُ الفقد والوحدة فبقيت وحدي مهموكاً بجراحي، أتألم داخل سجن جدرانه من غربة وقضبانه استنزاف طاقات وسجّانه ذكريات مجد عتيق، فمزّقت خناجر الصمت أوردتي وسال الدمع كاتباً لا الحبر:

كيف لم يتم ادراج الحزن في قائمة الامرض المميتة؟

الحزن أخطر وأخبث من السرطان..

 

هلا محمد نجاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى