فوضى الدكتوراه الفخرية والألقاب المجانية

مقالي الموجع…!
الألقاب «الافتراضية».. في الملتقيات والمجلات الأدبية!
بقلم أ د.أنور الموسى
ظاهرة غريبة باتت منتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي، تتمثل في تقديم ألقاب مجانية للشعراء والأدباء والمقربين والمطبلين والمزمرين… وتشمل هذه الظاهرة منح شهادات دكتوراه، وبطاقات شاعر وأديب وشاعر مميز، وأستاذ وروائي وقاص مميز… ما يطرح الأسئلة المنطقية، ترى ما بواعث انتشار هذه الظاهرة؟ وما غاياتها؟ ومن يمنحها…؟ وما نتائجها؟!
من المعروف أن الجهة المخولة في منح الألقاب الأكاديمية كلقب دكتور أو بروفسيور أو أستاذ، هي الجهات الرسمية التربوية، ويحصل المتعلم الجاد على تلك الألقاب بعد كدّ وجهدّ وسهر وتعب وتضحية… لكن ما يحدث حاليا، في وسائل التواصل الاجتماعي، أن أي هاوٍ أو شبه متعلم، قد يحظى بتلك الألقاب بلا كلل وتعب، فيصدق نفسه، حيث يرفض أحيانا أن تخاطبه باسمه، أو تكتب اسمه بلا لقب… وقد يعاديك إن فعلتها حتى لو من دون قصد!
وما ينطبق على اللقب الأكاديمي، ينطبق على الأدب والشعر، حيث تتنافس الصفحات الأدبية في وسائل التواصل الاجتماعي، على تقديم بطاقات العضوية للأعضاء، مع لوحات مزينة وموقعة، وصورة العضو واسم دولته ولقبه الجديد…
وكثيرا ما يكون صاحب الشهادة غير متعلم أصلا، أو نصوصه ركيكة… لا مشكلة، ما دام يكتب.. ويشارك في نشاطات الملتقى أو المجموعة صاحبة التكريم…، أو يعلق على منشورات المسؤولين، و«يليّك» بغزارة!
وتنتشر أيضا عادة منح شهادات الدكتوراه الفخرية، بحيث بتنا نفاجأ بمبتدئين أو طلاب مدارس يحملون لقب دكتور فخري…! وطال التمادي ليكتب الطالب هذا اللقب (د.) قبل اسمه في منشوراته الفيسبوكية…!
ولصفحات القصة القصيرة وروابط الشعراء… قصص شبيهة، حيث يعلن مدير الصفحة العاطل عن العمل أحيانا، عن نية مجموعته تقديم بطاقات للأعضاء، طالبا معلومات موجزة كالاسم والبلد… فتنهال على صفحته طلبات الصداقة وطلبات البطاقات… ويبدأ بمنحها للجميع، بلا تمحيص أو تدقيق… وقد ينسى التدقيق… فيعطي البطاقات والألقاب للأسماء المستعارة!
المسكين صاحب اللقب الأكاديمي السليم، كثيرا ما يعزف عن المشاركة في هذه المسرحية، فيحجم… وقد ينسحب…! والشاعر الحقيقي يتساوى في هذه المهزلة مع السارق أو شاعر الركاكة…
والأغرب ان ذا اللقب الجديد الذي يعوض من خلال ذلك اللقب الافتراضي عن نقصة، ينشر شهادته الجديدة مع لقبه السريع، فتنهال على صفحته التبريكات والتهاني من الأصدقاء… فيرد مغتبطا منتشيا! مؤكدا ذاته وطموحه!
ويصدق الدكتور الجديد لقبه، فيغير اسمه في الفايسبوك ليشمل اللقب الجديد.. كي تكتمل أدوات نرجسيتة…!
ويشكر ذو اللقب الجديد من منحه اللقب، على صفحته، محققا حملة إعلامية كبرى لمانح اللقب…!
ونظرة سريعة إلى من يمنح الألقاب، تجعلك تشعر بالألم… كونه قد يكون غير متعلم، أو متخصص في مجال لا يمت إلى الكتابة بصلة… وقد تكون له غايات معروفة في صيد الأدبيات…!
فصحيح ان تلك المجموعات المانحة تحمل طابعا أدبيا أو ثقافيا أو أكاديميا او إعلاميا…كمجلة أو رابطة أو ملتقى أو جريدة… بيد أنها تتجرأ على المؤسسات التربوية… وتشوه الألقاب والمستويات وتساهم في الفوضى والدجل!
صفوة القول: إن الألقاب الزائفة تشي بانحطاط اجتماعي ومرض نفسي، ونفاق ودجل… ينبغي فضح غايات مزوريها قبل فوات الأوان… كون الكفاءة هي معيار اللقب….
فإلى متى ستستمر هذه المهزلة؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!