موسم الزيتون.. إرثٌ من الأجداد وصمود في وجه الاعتداءات ..بقلم رياض عيسى

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /

يأتي موسم الزيتون كل عام حاملاً معه فرحةً عارمة وارتباطاً عميقاً للأرض، وهو مصدر رزق وفخر لأبناء قرى حاصبيا والعرقوب الذين يعيشون على إنتاجه ويعتبرونه جزءاً من هويتهم وثقافتهم. الزيتون، تلك الشجرة المباركة التي ذُكرت في الكتب السماوية، تحظى بمكانة خاصة، إذ غرسها أجدادنا منذ عقود بعد أن بذلوا جهداً كبيراً في استصلاح الأراضي، وانتقوا بعناية أجود أنواع الزيتون لتغمر الأراضي بخيراتها كل موسم.

في هذه القرى الجنوبية، ليست العناية بالزيتون أمراً موسمياً فقط؛ إنها عملية دؤوبة تمتد على مدار العام. يعمل الفلاحون بحبٍّ على حراثة الأرض وتقليم الأغصان، ويهتمون بمكافحة الآفات برش المبيدات الطبيعية، ليضمنوا إنتاجاً وفيراً من الزيتون. وفي موسم الحصاد، تتوحد القرى ليعمل الجميع على قطاف الثمار، التي تحمل طعم التضحية والكدح.

لكن هذا العام، يشهد الموسم تحديات جمة تتعدى الجهد الزراعي، إذ يتعرض المزارعون لمخاطر الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، التي لم تترك الأراضي بأمان. بعض هذه الأراضي تقع في مناطق النزاع، بينما شهدت أخرى حرائق بسبب القذائف التي طالتها، مما يهدد الإنتاج ويعرض المزارعين لخسائر اقتصادية جسيمة.

أبناء حاصبيا والعرقوب يقفون اليوم أمام محنة جديدة، وهم يعون أن التحديات كبيرة، لكنهم مصرّون على صمودهم. إنهم يحاولون بشتى الطرق حماية ما تبقى من كرومهم، عاقدين العزم على المضي قدماً في هذا الموسم رغم كل الصعوبات. في كل شجرة زيتون، يجدون إرث الأجداد وذكرى تعبهم، وتبقى الأرض شاهداً على صبرهم وقوتهم.

يستحق هؤلاء المزارعون وقفة تضامن، من الجهات المعنية والمؤسسات الإنسانية والداعمين المحليين والدوليين، ليواصلوا عطاءهم ويبقى موسم الزيتون رمزاً للصمود والانتماء في جنوبنا الحبيب.

 

رياض عيسى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!