فيروز… وتتخلص الدّني!
بقلم رامي درغام
يقول عاصي لفيروز :
“عطيني وعد انّك ما تروحي لو شو ما صار بيناتنا.”
ردّت فيروز : “رح أوعدك بـ شي تاني، رح ضل أرجعلك دائمًا لو شو ما صار بيناتنا.”
حكاية بين عاصي وفيروز، ليست إلاّ مصغّر عن روايتها مع لبنان: فوعدت لبنان بأن تعود له دائماً، بعد كل حرب كانت تعود، بعد كل نكسة كانت تعود، بعد كل انتصار كانت تعود… حتّى بات الوطن بأسره يعود إليها قبل يوم من استقلاله ليستمدّ متنفّس من الحريّة وطاقات من المجد والإبداع.
لبنان الرسالة والجمال والإبداع أنعم الله عليه بفيروز حاملة لجواز سفره، فأحبّت لبنان “يوم ثلجت الدني ويوم شمّست الدني” فردّ شعبه لها الحب على الدوام، للأبد… ولتخلص الدّني!
يأتي يوبيل الإستقلال وسط تشرذمات حول الإحتفال به ويأتي عيد ميلادك مرصّعًا فوق كل التشرذمات، فجمعتِ يا فيروز ما عجز الوطن عن جمعه في عيد استقلاله!
“بشتاقلك لا بقدر شوفك و لا بقدر احكيك
بندهلك خلف الطرقات و خلف الشبابيك…”
إنه حال محبّيك يا سفيرتنا الى النجوم، فالشوق غلبنا وطال اللقاء معنا، وندرك أنك بيننا خلف ذاك الشباك لكن من يفتح الستارة؟!
لربّما أقنعك نزار حين قال: “بعضهم في البعد أحلى”، فأهديتينا جميعاً الحب والحنين والاشتياق ووجع الفراق وجلست خلف أسوارك تتأملين كيف تحوّلت أغانيك إلى أناشيد لكلّ من يدخل أيّ لواء من معسكر الحب!
جلست تتأملين كيف صار “شادي” موضع بحث للكثيرين وكيف أصبح “عيد العزّابي” عطلة رسميّة في جمهوريّة الغرام حيث الحبّ “كِبر البحر… وبُعد السما”!
يا سيّدة الفن الأولى، ويا رفيقة الصباح وجارة القمر، يا أسطورة الفنّ، ”بيقولوا الحب بيقتل الوقت
.. وبيقولوا الوقت بيقتل الحب” فأسرعت بسرقة القلوب قبل الحبّ وقبل الوقت!
إنّه عيدك الثالث والثمانين، إنّها الذّكرى الثالثة والثمانين لغيرة الموسيقى من الصّوت، ذكرى الإبداع بالهمس والغناء بالدفء، ذكرى صدور أول جواز سفر الى النجوم، ذكرى عزف القلوب إحتراماً وإنحناء الحناجر إجلالاً…
يا فيروز، “قدّيش كان في ناس” ومعقول تكثر هالناس… رح تبقي وحدِك: فيروز… وهالسّنة وكل سنة، منحبّك… وتتخلص الدّني!