جميل درغام … ذكريات مع العميد الراحل بسام الداوود

صدى وادي التيم-راي حر بأقلامكم/

بعد نبأ النعي الذي تلقيته البارحة عبر الهاتف للعميد المتقاعد بسام الداوود، والذي أحزنني كثيرًا مع إيماني بأنّ كلّ نفس ذائقة الموت، عادت بي الذاكرة إلى مواقف جمعتني مع هذه الشخصية الاستثنائية، وكان لها الأثر الكبير فيّ، ونشرها في يومه الأخير فضيلة وعرفان…
تعرفتُ إلى العميد الراحل أثناء خدمتي الإجبارية حيث كنت مجندًا في فوج التدخل الأول، وكنت خلالها قد أنهيت دورة التنشئة، وأُلحقتُ بسرية القيادة والخدمة في جبيل. وبعد أيام معدودات وصل إلينا خبر تشكيل لضباط في المؤسسة العسكرية لصالح الأفواج والألوية، وسيصل للإلتحاق بسريتنا ضابط من آل الداوود، وقد سبقته سمعته العطرة وقوته العارمة وتواضعه الكبير.
وبعد وصوله بيوم أو اثنين أرسل في طلب مجندين: فادي عامر من الخلوات وكاتب هذه السطور من بكيفا وخاصة بعدما علم أننا من التيم الرحب والوادي البديع. ومن تلك اللحظة نشأت علاقة ودّ بيننا وبينه أساسها الاحترام والتقدير والإلفة وخاصة أنّ في أوقات فراغه القليلة كان يستدعينا ويستمع إلى ملاحظاتنا، ويطمئن عن أحوالنا دون النظر إلى توجهنا السياسيّ أو تاريخ عائلاتنا العقائدي، وكنا نتشارك وإياه شرب المتة التي كانت مشروبه المفضل، ولن أنسى ولم أنس عندما شُكلتُ إلى بعلبك بعد شهرين في جبيل حيث طلب حضوري إلى مكتبه، منزعجا من القرار، وسألني عن سبب طلب المغادرة، وإذا كنت قد تعرضتُ إلى مضايقة من أحد، فكان ردّي أنّ طلب المغادرة سببه القرب من جامعتي ومنزلي، عندها تفهّم الأمر وأبلغني أنّ آلية عسكرية سوف تنقلني في الغد إلى بعلبك وسيوصي السائق أن يهتم بإيصالي وراحتي…
في هذه الصورة المرفقة بالنصّ، والتي عدتُ إليها من الذاكرة، وبحثتُ عنها في أدراج الماضي، تعود إلى حقل رماية في جرود كسروان حيث كنت مواكبا مع سيارة الإسعاف للرامين في دفعة تجنيد جديدة آنذاك، حيث كان العميد الراحل في زيارة ميدانية للحقل، ومتابعة للأمور اللوجيستية والتقنية، فاقتربت منه وهمست في أذنه :”طالع سخن الإبريق وبل المتة” عندها حُلّت عقدة الجبين الدائمة وانفرجت الأسارير وقال لي:” سبقني ولاحقك” وكانت هذه اللقطة الذكرى التي تنم عن تواضع كبير .
رحم الله العميد وألهم عائلته الصبر والسلوان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى