تطوير ذكاء الطفل من الولادة إلى البلوغ..بقلم لينا وهب

صدى وادي التيم-راي حر باقلامكم/

إنّ الحواس هي أوّل ما يدركه الإنسان وهو لا يزال جنينًا في رحم أمّه، حيث أثبتت الدراسات أنّ الطفل علميًا قادر على سماع الأصوات خارج الرحم بدءًا من الشهر الخامس أو السادس من الحمل وفق ماجاء في إحدى المقالات العلمية للكاتبة Jessica Timmons تحت عناون ” When Can a Fetus Hear?” والّذي تمّت مراجعته والموافقة عليه من قبل فريق طبي قبل نشره.
فالحواس الخمسة (السمع، النظر، الشمّ، التذوق، اللمس) هي أولى أدوات الإدراك للطفل نحو تنمية مهاراته الفكرية وسلوكه وشخصيته، ولذلك يدخل في صلب المناهج التعليمية في المدارس استخدام كل الأدوات المساعدة لتطوير الحركة الحسية للأطفال بما يطوّر قدراته الذهنية لمساعدته على فهم المعلومات التي يتلقاها وتحفيز عناصر التخيّل والإبداع فيه.
ويقول الدكتور حسن مصطفى عبد المعطي في كتابه علم نفس النمو” النمو عملية مستمرة تبدأ حتَّى قبل الميلاد، ولا سبيل إلى فهم الوليد البشري فهمًا حقًّا ما لم نَتَتبَّع عملية النمو الطويلة التي تطرأ عليه منذ نشأته خلية في بطن أمه حتى يبلغ النضج”. ولذلك ينصح المرأة الحامل أن تعتني بحالتها النفسية وبحواسها الخمس من خلال الإعتناء بما تأكل والإمتناع عمّا يحظر شمّه، وقراءة القرآن والإستماع إليه في الدين الإسلامي أو قراءة الروايات والكتب والإستماع إلى الموسيقى عمومًا، ولمس بطنها للتواصل حسيًا مع جنينها بحيث أن كل ما تقوم به الحامل هو أولى حالات الإدراك الحسي للإنسان حتى منذ قبل ولادته. وأمّا بعد الولادة، فيكون أوّل ما يتفاعل معه الإنسان مع عالمه الخارجي هو استنشاق الأوكسيجين فيكون سلوكه الأوّل هو البكاء كردة فعل أوّليه لتقبل البيئة الجديدة التي خرج إليها من رحم أمه الدافىء إلى هذا العالم الواسع حيث سيبدأ أولى خطوات تطوير قدراته ومهاراته ورسم شخصيته المستقبلية وفق تربية وتنظيم الإدراك الحسي لديه بما يكفل الإبداع والنهوض بالمجتمع بأسره.
إنّ أي طفل في العالم قادر بقليل من المساعدة أن يكون ذكيًا إن تمّ العمل على تحفيز قدراته الكامنة فيه، فإنّ تفاوت القدرات أمر طبيعي، بحيث نجد طفل ذكي جسديًا، أي يستطيع تأدية حركات الرياضة أو الرقص من دون تدريب وبشكل تلقائي محترف، بينما يكون أقل مهارة في أمور أخرى. والأمر نفسه على بالنسبة لسائر الأطفال فنجد على سبيل المثال، طفلاً لديه ذكاء إجتماعي يستطيع التفاعل مع من حوله من الأطفال والأشخاص من دون إرتباك أو خوف، فيندمج بشكل جميل فيبدع بالتواصل والاكتساب، ثمّ يعيد نشر ما اكتسبه ويطوره في سلوكه، في حين قد يكون أقل ذكاءً في الرياضيات على سبيل المثال، والعكس صحيح بالنسبة لطفل لديه ذكاء علمي في التحليل وحلّ المعضلات، قد يجد صعوبة في التواصل والإندماج وهكذا دواليك. ما يعني أنّ لكل طفل طاقة دفينة وقدرات مميّزة تجعل منه قائدًا في مجتمعه في مجال معيّن، إلا أنّ هذه المهارات المخبوءة فيه تحتاج إلى من يكتشفها، ويطورها، وينميها لكي يغدو شخصًا ناجحًا قياديًا مميًزًا.
بالمحصلة، ليس هناك طفل فاشل، وإنمّا قد يكون هناك طفل مهمش لم يلقى ما يلزم من عاطفة وتدريب وتطوير واهتمام لاستخراج طاقاته وقدراته الكامنة فيه. لذا على كل أم، وعلى كل أب و على كل معلم أو معلمة وعلى كل مؤسسة تربوية عدم إهمال الجانب الإبداعي الكامن في الطفل والعمل بكل الوسائل المتاحة لاستخراج الخير المتأصل فيه وتطويره وتحفيزه من أجل غد أفضل ومستقبل واعد له وللمجتمع ككل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى