خربشات مشاعر فرح …بقلم فرح عامر
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /
لمدةٍ ليست قصيرة كنتُ أعاني من فقدان الشّغف، لسنوات كنت فاقدة لشعور اللذة. لا أنكر انّ في حياتي نِعَمٌ لا تُحصى معظمها لها علاقة بعائلتي وطفليّ، والحمدلله؛ إنما كنت أعاني من هذه الحالة بيني وبين نفسي، كأنه نقص ينهشُ في روحي، يجعلني أتألم بصمت، صمت قاتل.
تألمتُ بصمتٍ ليس لقلة ثقةٍ في نفسي او لخوف من البوح، إنما لم أعلم السبب المباشر لشعوري… ولوقت طويل بقيت عاجزة عن لململةِ احاسيسي المبعثرة هنا وهناك. صعب جدا أن لا تعلم إلى أين أنت ذاهبٌ وما الهدف الآتي لك، قاتلٌ الروتين اليومي الذي يفقدك شغف الاستيقاظ صباحاً لأنك تعلم أنك ستعيش يوماً نمطيّاً خاليّاً من الشغف او الجنون او أي جديد.
ترافق ذلك الشعور مع شعور موجعٍ آخر يشبه حالة “جلد الذّات” وهي الشعور المستمر بالذّنب لأنني غير سعيدة على الرغم من النعم الكثيرة التي لديّ.
تخيّل ان روحَكَ قماشَةٌ حريرية،ويأتيك ذلك الشعور الذي يهشّمها، فيبدأ بسلخ خيوطها واحد تلو الآخر حتى تظهر الفراغات في قماشة الروح وتغدو عرضة للإختراق والتألم من أية رياح تصادفها، مؤلم جدا.
ربما شخصيتي معقدة اكثر من سواها، ربما لأنني احبّ الكمال لا يرضيني أي شيء ولا أكتفِ بالعاديّ، ربما الحياة الوردية التي تمثل حلم كثيرات، لا تغريني ولا تناسبني، وربما أواجه حالة تعارك داخلي بين منظومة قيَمي وبين جنوني الجامح الذي يمثلُ طعمَ حياتي ومِلحَها.
بقيت هكذا طويلاً حتى جاءَ يومٌ وشعرت بذلك الشغف الحقيقي الذي كنت افتقد، وكأنها لحظة انسلاخ رئتي طفل عند ولادته، وكأنها لقاء أم بولدها بعد عقود غياب، وكأنها صعقة الكهرباء لقلبٍ مريض كاد أن يفارق الحياة… وكأنها لحظة الوقوف على قمة جبلٍ بعد أيام من رحلة الصعود.
على قدر كمّ السعادة والشغف الذين يختلجانني حاليا، يرافقني خوف من العودة للخلف، من فقدان جمال الحاضر والعودة للماضي النمطي… فهل يعقل لجنين بعد ولادته وأخذه لأول نفسٍ أن يعود لعالمه المائي في رحمٍ دافئ احتواه لأشهرٍ تسعة! لا يعقل ولن يحيا!
ماذا ترون؟!!!
فرح عامر ٢٦ – ٩ – ٢٠٢٣