الجامعة اللبنانية الثقافية بين الأمس واليوم..بقلم عزت بدوي

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /

سأعود بالتجربة إلى أوائل القرن الماضي لأعرض تجربتي المتواضعة ومن خلالها اخلص إلى بعض الاستنتاجات.

بداية لا بد لي أن أؤكد على مبدأين اساسيين من مباديء عمل الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، نص عليهما النظام الأساسي.

الأول: أن تكون الجامعة إطاراً إغترابياً، وليس سياسياً وبالتالي، لا طائفيا ولا منفعة شخصية للمغتربين المنتسبين إليها، لاسيما في الهيئات القيادية.

الثاني: أن تكون قادرة على تمثيل الاغتراب اللبناني، كإغتراب لا كمجموعات طائفية أو سياسية، وبالتالي، أن تكون فروعها نتاج عمل ديمقراطي، لا اسقاطات ولا تسويات…

خلال فترة الحرب الأهلية البشعة في لبنان، كان فرع “الجامعة” في سيدني نموذجاً لمواطنة، افتقدناها في وطننا. مواطنة خالية من الطائفية والمذهبية والحزبية.

بين عامي ١٩٧٥و ١٩٧٦ كان “للجامعه” دور كبير في مساعدة لبنان بكل ما أمكن.

قام أعضاء “الجامعة” وعلى رأسهم الرئيس جو دويهي والقاضي جو متلج والأعضاء الشيخ خليل الشامي والسيد عمر ياسين وانا العبد الفقير، وبالتعاون مع سعادة القنصل العام اللبناني السيد سهيل فريجي، بالتقدم من الحكومة الاسترالية بطلب يقضي بدخول أكبر عدد ممكن من الذين يرغبون بالهجرة الى استراليا هر باً من آتون الحرب المقيتة والمشؤومة،فكان التعاون مع الحكومة الاسترالية على أعلى المستويات، وقدموا لنا مكاتبهم في دائرة الهجرة لتعبئة الطلبات الكثيرة ،وسمحوا لنا بدخول ما يقارب أربعة آلاف مهاجر وذلك في غضون ثلاثة اشهر.

ونظمت “الجامعة” مساعدات للمهاجرين لإنجاز معاملاتهم في قبرص وقامت بإرسال فريق طبي مؤلف من احدى عشر ممرضة واطباء جراحين الى الجامعة الأميركية في بيروت لمعالجة المحتاجين في كل المناطق اللبنانية، وارسلت مستشفى نقالا للمساعدة.  وبقيت الجامعة على اتصال مع القادمين من اجل تأمين شؤونهم ومساكن وعمل لهم ،فكان هذا جزءا قليلا مما قامت به “الجامعة”،من دون تمييز أو تفرقة مطلقاً.

لقد تعاونت الحكومة الأسترالية معنا لأنها شعرت أننا يد واحدة ونعمل كعائلة واحدة، فضلا عن موقفها الإنساني.

ما أوردته آنفاً يقودني إلى التحسر والأسف لما بلغته “الجامعة” من أوضاع غير مشجعة…

– انقسامات سببها فريق أخذ “الجامعة” إلى غير وجهتها الاغترابية – الثقافية، وحولها إلى منبر سياسي يطلق منه الرصاص على الدولة، وصار طرفاً سياسياً. في المقابل، حاول بعض المغتربين منع العمل السياسي داخل الجامعة، لكنهم حاولوا أن يقبضوا عليها من خلال الاتيان بأشخاص ذات لون سياسي معين لقيادتها.

هنا فقدت “الجامعة”، بفعل هذين الأمرين قوتها التمثيلية، كجامعة للمغتربين، أفرادا ومؤسسات.

وما زاد الطين بلّة، أن غابت الديمقراطية كوسيلة لإنتخاب الفروع وحلّ مكانها تركيب الطرابيش…

-غابت الأنشطة الثقافية ذات القيم الانسانية الصافية، وبدأ التراجع بعد أن كانت “الجامعة” هيئة قيادية تعمل لتعزيز الاغتراب بالمدارس اللبنانية والأنشطة التي تجمع.

لقد رفض الاغتراب اللبناني المستقل ولا يزال، أن تنتقل اللوثة المذهبية إلى البلدان المضيفة، لكن يبدو أن الطوائف بمؤسساتها المختلفة، بما فيها المؤسسات الحزبية، باتت أقوى من المبادرات الاغترابية الوطنية.

لم يفت الآوان بعد، وانا أدعو كل المؤسسات الاغترابية أن تحرص على العمل بروح من التعاون، بعيدا عن السياسة، على الطريقة اللبنانية، ولا يعني ذلك ألا يكون للفرد منا رأيه الخاص، لكن خارج المؤسسات الإغترابية.

*نائب الرئيس الأول لفرع “الجامعة” في سيدني سابقاً. ورئيس سابق للجالية اللبنانية الدرزية في استراليا سابقاً.

عزات بدوي* – الحوارنيوز

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!