بالصور.. في الشوف… موسى معماري جديد!
صدى وادي التيم-سياحة/
“نحن إزاء موسى معماري آخر، على تعدّدٍ أكبر في الفنون وتنوّع في تقنيات التعبير”، هكذا وصف الأديب والكاتب سلمان زين الدين الفنان غاندي بو دياب، الذي حوّل أقبية منسيّة الى واحات فنية وثقافية ومساحة تضجّ حياةً وموسيقى وتراثاً.
ففي بلدة الجاهلية الشوفية، وقبل 3 عقود، بدأت مسيرة شاب موهوب، أحبّ الكتابة كما النحت والرسم، وإذ به يكتشف في قريته كهفاً يعود الى العهد العثماني منذ ما يقارب الـ400 سنة، وهو عبارة عن ثلاثة أقبية من العقد متلاصقة تمتد على مساحة 1500م2 مع الحديقة التراثية المحيطة به، ليبدأ ورشة إعادة تأهيل للكهف وإذ به يكتشف كهفاً إضافياً على شكل مغارة ضيّقة عرض جدرانها مترين بارتفاع المتر والنصف، فعمل على حفر الصخر على عمق متر ونصف المتر بطريقة فنية ساعدت في انشراح المكان، من دون المساس بأرضيته الصخرية الملتوية.
وبعد جهد سنوات من العمل والتعب، تحوّلت هذه الأقبية التراثية الى “كهف الفنون” بحلّته الحالية، تزيّنه لوحات غاندي الزيتية والتي استوحى معظمها من حياة القرية اللبنانية وشخصياتها وعاداتها، اضافة الى المنحوتات الفنية والمجسمات وقد استخدم جذور الأشجار العتيقة وجعل منها لوحات تعبيريّة.
إلا ان غاندي لم يتوقف عند هذا الحد، ولا زال يحلم بمشاريع مستقبلية تجعل من “كهف الفنون” مساحة لا تعرف الملل والروتين، ويكاد لا يمرّ يوم لا يبني فيه جداراً حجرياً أو ممراً ترابياً أو موقدة أثرية. وقد أنجز قبواً جديداً على شكل قطار، مع فوهات في السقف كالدواخين، مزوّداً إياها بالزجاج الملوّن الذي يعكس الى الداخل حركة الشمس والاضاءة اللونية.
هذا الى جانب أنفاق من الصخور وأنفاق ترابية ودهاليز من الحجر الجبلي، ستقودك الى مكتبة تحوّلت الى خلية ثقافية لجمع الموسوعات الأدبية والفكرية ومكانٍ لعقد الخلوات الثقافية والموسيقية وغيرها.
ولا يمكن زيارة “كهف الفنون” من دون تذوّق مأكولات القرية اللبنانية، وقد بنى لذلك أفراناً من التراب لشوي وطهي المأكولات القروية والمنقوشة البلدية. هذا الى جانب الأشجار المثمرة التي زرعها في حديقة الكهف ومحيطه، في ظل تنوّع بيئي يجمع حوالى 40 نوعاً من الأشجار والنباتات.
وما يزيد هذا المكان روعةً وتنوّعاً هو مزارع الأسماك التي حرص غاندي على ان يترك لها مساحة دافئة بين هذه التحف الطبيعية والفنية.
هناك ما يستحق الزيارة فعلاً لما ينجزه فنان بقدرات فردية وموهبة نادرة، والأهم الإرادة الصلبة على الإبداع رغم كل ما يمرّ به البلد من أزمات في نموذجٍ شجاع للصمود بالفن والبناء والثقافة والجمال، مهما كانت الظروف.
المصدر:نادر حجاز “mtv”