زبقين.. وادي الجمال في خطر

زبقين.. وادي الجمال في خطر

 على مساحة عشرين كيلو مترا، واد مكسو بالأشجار الحرجية، يمتاز بالسعة والتنوع البيولوجي؛ نباتات وحيوانات نادرة، مغاور، كهوف طبيعية، عيون ماء دالفة من الصخر، أنهار صغيرة وجداول ماء، أجران صخرية تؤشر إلى نشاط بشري قديم، موقع مميز على رابية من روابي جبل عامل(جنوب لبنان) يطلق عليه وادي زبقين (قضاء صور في الجنوب اللبناني). الوادي يشبه المحميات البيئية بكل شيء، لكنه لم ينل اللقب البيئي الرسمي، ولا الحماية من وزارتي البيئة والسياحة. ورغم تقديم طلب للوزارة المعنية بإعلانه محمية للحفاظ على آخر بقعة إحيائية فريدة على الساحل الجنوبي واللبناني، استغل البعض تغاضي الدولة عن التعديات التي طالت سماعات الوادي، واستمروا برصف الطريق بالزفت، وإعطاء الرخص للكسارات على أطرافه.

تقول الناشطة الإجتماعية نعمت بدر الدين: “في محمية وادي زبقين؛ ينابيع، نباتات نادرة وحيوانات بيئية خلابة، تشكل عامل جذب للسياحة الداخلية، ومحبي التسلق، باستطاعتنا تحويل المنطقة كلها لمجموعة محميات تفيد المنطقة اقتصاديا، إذا تعاون اتحاد البلديات مع وزارات البيئة والسياحة، ولكن، للاسف، لا يوجد هناك دراسة للاثر البيئي. على وزارة البيئة أن تعلنها محمية، بتحويل ملفها الى المجلس النيابي ومجلس الوزراء وإصدار مرسوم جمهوري، اليوم سبقت الكسارات والجرافات المرسوم الجمهوري قبل تحقيق حلم الوادي بإعلانه محمية”.
على مساحة كليومترات عدة إبتداءاً من وادي العزية في الحنية (جنوب لبنان) يمتد الوادي باتجاه القليلة صعوداً إلى ياطر، مروراً برامية ومجدل زون. وتحت حجة فتح طريق يربط بين بلدة رامية بالعزية، بدأ منذ عام مشروع شق وتعبيد طريق يقطع الوادي، يمتد بين القريتين، وسيمر في 28 عقاراً. بعد احتجاجات وجولات الجمعيات الأهلية والناشطون البيئيون على النواب والوزراء، توقف العمل في المشروع من قبل وزارة الأشغال، لكنهم لم يستطيعوا إنقاذ الوادي ونباتاته وحيواناته من أسنان الجرافات طويلا. فقد رصدت جمعية “الجنوبيون الخضر” أخيرا أعمال حفر وجرف وتوسيع الطريق الوعرة نحو عين الماء في أسفل الوادي.

يرفض أهالي زبقين الاستيلاء على واديهم لما ينطوي ذلك على أضرار بيئية وجمالية واقتصادية، ويطالبون الدولة بإعلانه محمية وطنية، وإدراجه على خريطة السياحة البيئية. تقول بدر الدين: “الأهالي، الملاكين، والبلدية على استعداد لحماية واديهم، ويرفضون أي استيلاء على الأملاك الخاصة، وأن يتركوا أرضهم كمحمية، ولكن من الواضح أن هناك ضغط سياسي لوضع اليد على الوادي واستغلاله”.
تنتشر في الوادي أنواع عديدة من الأشجار، تمتاز بكثافة نادرة ومنها؛ سنديان، بطم، شبراء، طيون، خروب، حور، دفلا، أندول. ومن أنواع الحيوانات التي تم رصدها في الوادي؛ خنازير برية، ثعالب حمراء، ضباع مخططة، نيص،طبسون بالإضافة إلى العديد من أنواع القوارض والقطط البرية.  ومن اهم أنواع الطيور المنتشرة في فضاءه؛ اليمام البري والباشق والصقور. أشهر كهوفه؛ المغر ومغاور أبو زيريق. كما تنتشر فيه العيون من بينها الدالفة، وسميت كذلك لتفجره ودلفه من الصخر. كذلك يوجد فيه العديد من الأنهار الصغيرة وجداول الماء أشهرها: العزية ووادي النفخة وعين التينة. يرفض الناشط البيئي قاسم حمادة قطع أوصال محمية زبقين وتحويلها إلى طرق مُعبدة، “الطبيعة الخضراء أجمل جسر للتلاقي، والتواصل”.

الجنوبيون الخضر
تعمل جمعية “الجنوبيون الخضر” على تشكيل لجان شبابية تهتم ببيئة الوادي، والدفاع عن ثروته الطبيعية، وكانت الجمعية قد وضعت دراسة علمية مفصلة عن المشروع، وقدمت مع بلدية زبقين طلباً إلى وزارة البيئة بإعلان الوادي محمية طبيعية.

أخيرا، من على مشارف الوادي، نفذت بلدية زبقين وجمعية “الجنوبيون الخضر” وقفة احتجاجية، رافضة لشق طريق في الوادي يدمر آخر غابات جبل عامل تحت شعار “وادينا لا زفتكم”. ووجه عضو الهيئة الإدارية في جمعية “الجنوبيون الخضر”  الناشط محمد بزيع خلالها كلمة الى المسؤولين اللبنانيين، وقال “إن كنتم تريدون الإنماء اسألوا المواطنين عن حاجاتهم، هل فكرتم في توجيه مشاريع إنمائية بدل رصف الوديان بالزفت، وإقامة ولو مشروع واحد يؤمن فرص عمل”. مشيرا أن الذي يحدث اعتداء على موقع هو الأخير في جبل عامل والجنوب، ويشكل مورد طبيعي واقتصادي للمنطقة، ممكن الإستفادة منه، وفي مقارنة بسيطة جدا، عائدات محمية “معاصر الشوف”، تكاد تتجاوز العشرة مليون دولار سنويا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى