أنطون سعاده: بينَ رَقدَةِ الجَسَدِ، ويَقظةِ الرُّوحِ.
صدى وادي التيم-رأي حر بأقلامكم/
…في الذِكرى الثَّالثةِ والسَّبعين على اسْتشهَادِكَ،شُكراً أنطون سَعاده ، لأَنَّك علّمتَنا أنْ نتبارى في النَّجاةِ منْ مَصائِبِنا الكُبرى!!!
…شُكراً أنطون سعاده لأنَّكَ علّمتنا أنَّ فوقَ المَجازِ حُروفاً يَجِبُ أنْ تُقرأَ بَعيدَاً عنْ أَمانِ الجَسدِ وتشقّقِ الرّوحِ..
…في الذِكرى الّثالِثةِ والسبعينَ نؤوبُ إليكَ، في حينٍ يَفتُكُ بِنا جرادُ آبارِ النَّفطِ، المُلوّثةِ ،ونَعيشُ في وهنِ “تخسيسِ العقولِ”، في هذا “الوطنِ العربِيِّ” الزَّائِفِ!
…شُكراً سَعاده لأنَّكَ علَّمتنا أنْ نستَّلَّ منَ العاصِفةِ أَعذَبَ الألحانِ!وفي رِسالةِ الفجرِ منْ صدرِكَ “الممزوقِ”،أنا أموتُ أمّا حزبيَ فباقٍ، وشمٌ أبعدُ منَ القلبِ في صُدورِنا..
…يا “سيّدَ” المناراتِ خيراً وحقَّاً وجمالاً، حينَ قُلتَ لِجلاَّدِكَ “شكراً”، أدخلتَنا جميعاً في فَلكِ العِقابِ اللَّذيذِ، فلِماذا شَكرَتَ جَلاَّدَكَ؟؟؟
…قُلتُ شُكراً، لأّنَّكَ لمْ”تٌقُتَلْ” معصوبَ العينينِ، كنتَ تريدُ أنْ تقولَ لنا ،أنَّكَ ترى بلادَنا سهلاً أخضرَ لا يَندَلِعُ فيهِ الخريفُ، وأنَّكَ لا تُريدُ لِحزِبِكَ أنْ يبقىَ “منزوعَ الأظافِرِ”.
…قُلتَ شُكراً لِجلاّدِكَ، رغبةً منكَ في أنْ نَمحوَ رَمادَ الغُبارِ، عنِ الأَصنامِ، والأزلامِ، وعنِ الأفاعي الّتي تتلطّى تحتَ وسائِدِنا!
…قُلتَ شُكراً، فاستحضرتَ اختبارَ”أوتو نبتيشم” لحفيده قلقامش، كي يَمنحَهُ “سِرَّ الخلودِ، مقاومةُ النَّومِ!!
…قُلتَ شُكراً، كيلا يَسطوَ “هولاكو” على بغدادَ مرَّةً أخرى، و.. وكيلا تُرمى كُتُبنا و”ثَقافتُنا” وأفراحُ صدورِنا في أنهارِ الوحلِ،وطمِيِ النِّسيان!!!
…قُلتَ شُكراً كيلا “يَتجفَّفَ نهرا دِجلةَ والفُرات، وتّغرقُ البصرةُ في وجعِ الصَّحراءِ، ويَضمحِلُّ بردى، وتُجرَّدُ دِمشقُ منْ ملابِسها…وكيلا تبقى بيروتُ وحيدةً كامرأةٍ زانيةٍ،بينَ التُّجّارِ والفُجّارِ، تهبُ القاصي والدَّاني”خدماتِها”، ورويداً رويدَاً يمزقونَ عنها ورقةَ التوتِ…وكيلا تبقى فِلسطينُ نَهبَاً لِعدوٍّ، تُعاملُ كسَعفِ النَّخلِ، تؤكلُ الثِّمارُ، ويُكنسُ بِهِ الدّارُ بعد حفلاتِ الرَّملِ و العربدةِ…
…قُلتَ شُكراً، وأوكلتَ إلينَا رعايةَ “البُذورِ” مهما أوغلَ الجَرادُ في سبي المُدنِ، وكيلا تبقى بِلادُنا “زخرفةً جُغرافيةً” ممزوعةَ الأوصالِ، يَعيثُ فيها عسسُ السَّاسةِ سفاحَ القُربى، ويتركُ شَعبُنا يئِنُ منَ الوحشةِ، يعدو خلفَ “زيزِ اللَّيلِ” ليستقي من ذنَبِهِ شظايا ضوءٍ!!
…في هذهِ البلادِ اليتيمةِ، قَلّما تَجِدُ مؤذَناً يقولُ:” حيَّ على الوطنِ”! لذلَكَ قالَ سَعاده شكراً، طامِعاً في أنْ يندَّسَ الزيتونُ تحتَ أظافِرنا، ولا تبقى بلادُنا كَحُطامِ سفينةٍ تطفو فوقَ هذا اليَّمِّ الفاسِدِ!!
…قالَ سَعاده شكراً، بِقامةِ الرّجَلِ”المؤمن”، البّطلِ، ليرسَمَ الخطَّ الفاصِلَ بينَ العزِّ والذُلِّ، وبينَ الجُبنِ والشَّجاعةِ…
…حضرةُ الزَّعيمُ لنا من حزِبنا وأبناءِ أمّتِنا الأصفياءِ زاداً، نغتسِلُ بِهِ كلّما عصفت بِنا ريحُ الصَّحراءِ، وستبقى في حياتنا وضمائرنا الرَّجل ـ الفكرِ نهتدي بكَ ونؤوبُ إليكَ، مهما تكالبُ الزَّمنُ علينا….”قد تسقطُ أجسادُنا أمَّا نفوسنا فقد فرضت حقيقتَها على هذا الوجودِ”…لكَ ولشُهدائِنا الخلود ، تحيا بلادُنا ، تحيا سوريه…
بقلم جهاد الشوفي