كوخ سلمان…بقلم لينا صياغه

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /

هجر السيد سلمان منزله و سكن في كوخ صغير كان يملكه بعيدا ً عن البلدة تاركاً قصره الجميل دون سابق انظار أو اعتراف بانزعاجه من احد ، مما أربك عائلته و معارفه. فكثرت الأحاديث و الأقاويل دون جدوى… بعد فترة وجيزة قرر جارهم حسن زيارته ليستطلع اخباره و يطفئ حشريّته فذهب عنده و سأله : أخي سلمان كيف تترك العزّ و تأتي لتعيش في كوخ صغير ؟؟  لا يوجد من يؤنسك و من يعيلك فيه ؟ أجابه بإبتسامة دون كلام.

ثُمّ تابع حسن : أرجو أن تقنعني بحجة حقيقيّة .!

إقترب السيد سلمان و جلس على كرسي بجانب الطاولة و قال: أخي حسن جئت الى هنا تاركاً قصري لأعيش حقيقتي بعيداً عن عالم الزيف .!!حسن : كيف تقول ذلك و من ازعجك ؟؟سلمان : كلّهم !حسن : كلّهم؟؟ و كيف ذلك ؟؟

سلمان : لي عالمي و لا اريد تلويثه !!

نظر حسن اليه و فغر فاه .

تابع سلمان حديثه : لست مضطرا ًان اشاهد التلفاز و برامجه التي تسلخ الإنسان عن. واقعه و تؤثر على كيانه و تشوش افكاره و تسلبه النعيم و السلام ، لستُ مجبراً لأرى كذب و دجل هؤلاء السياسيين يلعبون بمصير العالم وينعتونهم بالمعالي و الفخامة ناسيين ان العلو و الفخر لله وحده فترى المذيعين يتشدقون بكلمات و ينفثون سمومهم دون وقار ولا هيبة كأنهم رسوم متحركة . فالإعلام الكاذب هو مصيبة زماننا ومصيبة الدهر .

أماّ العلاقات الإنسانية في مجتمعنا يحكمها الكذب اذ لا قيمة لمن قيمة له فنرى الأوباش متصدرين في الطليعة . متناسيين ان اي عمل او كلمة او نية  تعود علينا بالتأثير السلبي او الإيجابي لكينونتنا ووجودنا .ألا ترى كيف يعامل جارك ماهر زوجته ؟؟ و ينعتها باقبح الكلام ناسياً بأن لديه بنات وانّ من انجبه أمرأة ؟؟ الا ترى السيدة نهى التي فنت عمرها بالعمل و الكدّ بعد موت زوجها ، و حين كبروا تركوها وحيدة يتأففون من وجودها و ينتظرون يوم موتها ، نسيوا بأنها بركة بيتهم !!؟؟؟ الا ترى كيف ينعتون السيد جميل النصّاب المنافق. بالشيخ الجليل و يقدسونه ويقبلون يديه فقط لأنه يتظاهر بالتدين و التقوى ونسيوا بأن الجلالة و القدسيّة هي لله عزّ و جلّ وحده !!؟؟؟.

أمّا السيّد لبيب الذي عاش دون عمل طيلة حياته و زوجته عائدة تعمل لتعيله يجلس اليوم بطوله يطلق الأحكام و ينظّر على من حوله ظناً به بأنه الأفضل كأنه بطل يأتي لزيارتي ليخبرني بأن زوجة ابنه حاملاً و الأخرى لم تنجب بعد إذ يجب ان يجد حلاً ناسياً بأن الأطفال لا يأتون بإرادتنا فقط إنما قسمة مكتوبة ، و بأن الأطفال ابناء الحياة تنجبهم ليعيشوا تجربة بشرية و ليسوا ملكاً لنا .!!؟؟؟

أما أولادي الذين لا يتقبلون مني نصيحة و يتجاهلون قدري و تعبي ونسوا ايضاً بأنني والدهم. فأنا بالنسبة لهم ماكينة صرف اتشوّق لضمة منهم او غمرة و اقلها بسمة تلطف قصري الجميل، وان تكرّموا بمحاكاتي يسألونني عن الوصيّة و الميراث. و زوجتي تملّ الجلوس معي و تظنني مختلفاً عن باقي البشر اذ تنقصني معرفة اصول الحياة المبهجة . اخي حسن احمد الله سبحانه ان لديّ هذا الكوخ الذي استبدلته بالقصر الفسيح الذي ضاقت جدرانه عليّ لتخنق انفاسي ، فجئت بنفسي حيّة عاقلة مميّزة لأُنجيها من سوء العاقبة و المُخادعة لأنها مالكة الإستطاعة لتفوز بالنجاة الى دار البقاء محل النور و الصفاء مع ذوي الكوثر و عين الإبداع الأبرار .

هذه حكايتي اخ حسن ربما تُطربك او تضحك قليلاً او تبكيك ، هذه طبيعتي ولا يمكن مغايرتها فتحررت من الهلكة و لو شئت سلكت بالدخول فيها كالباقين

لينا صياغة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى