وجع أم، وجع وطن … بقلم ميشال جبور
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /
في فلسطين أمٌ م ق ا و م ة مناضلة يصفها المحتل بالإرهابية لأنها تقاتل في سبيل حرية وطنها وعزة وكرامة أرضها بعنفوان لا نظير له، خسرت اليوم ابنتها إلى فسيح جنان الله ولا يسعها أن تضمها لأنها خلف قضبان الطغاة ولم ترتضي الخنوع ولا الخضوع ولا التوسل لرحمة من لا رحمة لديه، بل ارتضت الإعتقال والزنزانة عسى بتضحياتها ينال وطنها الحرية وترفرف كوفيته عالياً سيدة وحرة ومستقلة،إنها خالدة الجرار والدة فقيدة فلسطين سهى الجرار، إنها الوالدة القوية نموذج التضحية الأمثل والكبرياء العنيد، إنها القوية في زمنٍ قلَّ فيه الأقوياء.
وفي لبنان، أمٌ أبية تحاول أن تجد الدواء لأولادها جاهدة ليل نهار من أجل علبة حليب، سرق منها الزمن الأسود أحلامها وطموحاتها من أجل عائلتها، إنها الصامدة والصبورة بوجه طغيان ناهبي الوطن وثرواته وتجار الأزمات.
أم تقبع خلف القضبان وهي أصلب من حديد الزنزانة وبأس الجدران وأمٌ تجلس بين أربعة جدران تنتظر بعزة النفس أن ينظر الله بوجهها فينصفها في هذا الوقت العصيب ولا يحوجها.
كم أنت جميلة يا خالدة الجرار وكم أنت عالية الجبين أيتها الأم اللبنانية، كم أنت شاهقة يا فلسطين بتضحيات خالدة وكم أنت عظيم يا لبنان بتعالي الأمهات اللواتي تبتسمن رغم الجراح ورغم البؤس.
اليوم فلسطين تنادي بالحرية لخالدة كي تحتضن ابنتها سهى في الوداع الأخير ولبنان ينادي بإنقاذه من براثن من يريد بيع الوطن وتفتيته من أجل مصالحه وشهواته.
ألم ووجع ولوعة الفقدان تعيشها اليوم الأم الفلسطينية والأم اللبنانية،طغيان واحتلال وتدمير تعيشه اليوم فلسطين ويعيشه اليوم لبنان، فرض أمر واقع بمرارة على كلا البلدين بسبب سلطات عاجزة لا تأبه لمحاسبة التاريخ ولكن التاريخ سيشهد على عظمة تضحيات كل أمٍ لبنانية وكل أمٍ فلسطينية لأجل وطنها ولأجل عائلتها ولأجل حرية من تحبهم، تنازلت عن حريتها لأجل أن تكون تضحيتها لوطنها.
اليوم وفي كل لحظة، كل دمعة قهر وكل دمعة كبرياء تنزل من عيون أم فقدت قطعة من قلبها أو أمٍ فاقت آلامها وعورة الجبال ولم تستطع أن تؤمن الدواء لأولادها، ستزلزل الأرض تحت أقدام من يغتصبون الحرية والكرامة، ومن آلام الشعب والأوطان ومن آلام خالدة الجرار والأم اللبنانية فجر حرية آتٍ لا محال، وجع الأم هو وجع الوطن.
المحلل والخبير بالشؤون الفلسطينية ميشال جبور