عازار حبيب “يا رايح خلينا ببالك “.. بقلم سلام اللحام
صدى وادي التيم-رأي حر باقلامكم/
عازار حبيب صاحب هوية فنية خاصة به ومدرسة قائمة بحد ذاتها . إنّه من الفنّانين الّذين ساهموا في تقديم الأغنية اللبنانيّة بخفّة وسلاسة وإحساسٍ راقٍ ، حيث تعتبر أغانيه سابقة لعصرها بسنوات أبرزها :«نانا» (1980)، «لولاكي يا ملاكي» (1981)، «صيدلي يا صيدلي» (1983)، «ع جبين الليل» (1985)، «بدك زقفة» (1986)، هذه الأغنيات الّتي لم تغب عن بال الجمهور يومًا : «مش مهم تكوني حدّي»، «إنت رفيقي»، «كتير محلّايي»، «عم لملم حناني»، « لولاكي يا ملاكي»، «ع جبين الليل»، «من أيَّا ملاك» (لحن فيلمون وهبي)،شكّلت ظاهرة ببساطتها وعفويتها ولهجتها الّتي ما زالت محفورةً في وجدان االنّاس، وتحوّلت إلى صورة يرافقها الحنين إلى «الزّمن الجميل».
اشتهر عازار حبيب بالعزف على آلة البزق، ، وقد وضع وألف لها الألحان المميزة وخاصةً في ألبومه “أسمر ملك روحي”، وفي بواكير أعماله الجميلة الحمرة الـ عخدودك”. ساهم في تقديم العديد من الألحان لفنّاني جيله فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، مما أسهم في بلوغ شهرتهم، والمثال على ذلك: “طاير يا قلبي طاير” غناء “عفيف شيا” و”بحب عيونا” غناء “سالم الحاج” و”ع طبق الماس” غناء “الأمير الصغير” و”عازز عليا النوم” غناء “هادي هزيم” و”بتقولي ما حدا قدك” و”ع خدك حبة لولو” غناء “منعم فريحة” و”ع إيدك ربيت” غناء “مادونا ،وغيرها الكثير من الأغنيات الرائعة .
عمل عازار حبيب في مطلع شبابه في حقل الغناء الغربي قبل أن يتحوّل عام ١٩٧٥ إلى تأليف المسرحيّات الغنائيّة وتلحينها ،واعتمد ملحنًا من الدرجة الأولى في الإذاعة اللبنانيّة.، وقد تميزت مسيرته الفنية عن سواها بالأغنيات الطربية الخفيفة التي قدمها وقارن البعض أسلوبه بأسلوب الفنان المصري محمد فوزي.
شكلت ثنائيّة عازار حبيب مع الشاعر الراحل إلياس ناصرنقطة تحول في الفن اللبناني ّحيث كان الرّجلان صديقين عزيزين ،وكان لهما مكتب مشترك ،وقدما سويًا العديد من الاعمال، الكثير منها غنّاها عازار وأغنيات غنّاها فنانون آخرون. في تسعينات القرن الماضي، بدأ عازار حبيب يبتعد شيئاً فشيئاً عن السّاحة الفنية وفضل أن يترك مكانه الراقي الذي عُرف به في الثمانينات عوضاً عن أن يقدم أعمالاً لا يكون راضيًا عنها. وكان العمل الأخير قد صدر عام ٢٠٠٤ وحمل عنوان “أحلى السيدات” تضمن ثماني أغنيات بعضها تمّ تجديدها، لكنّه لم يلقَ إقبالاً جماهيريًا كبيرًا، في زمن طغت فيه الأغنية السريعة على كل ما عداها، إلاّ ان حبيب ظل يحيي الحفلات حتى فترة قصيرة قبل وفاته، ويشدو فيها أغنياته الناجحة .
في العام 2007 وفي الشهر الذي وُلد فيه رحل عازار حبيب حاملاً معه لحنه الأخير فأخذه الوترإلى عالم ثانٍ . هكذا انسحب بهدوء تماماً كما عاش حياته، بعدما سكت قلبه قبل أن يطفئ شمعته الثانية والستين. لقد غاب حبيب عنّا بالجسد لكنّه باقٍ مع كل نسمة صباح مشرقة ونور بهيّ ، ورائحة البخور في ضيعتنا وصدى ضحكات الأحباب والجيران والخلان …..عازار حبيب “يا رايح خلينا ببالك” صورة حلوة وذكرى غالية في زمن بائس موحش مظلم .