إيلي حبيقة،رجل عبر من الحرب إلى الوطن،نفتقدك ونفتقد خيرة الرفاق …بقلم ميشال جبور
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/
واقع فُرض على المسيحيين في زمن حروب الجغرافيا وأيام كالحة مرت على مقاتلين لم يتخلوا عن لبنان، لأجل قضية راسخة ودفاعاً عن إيمان عميق،ومن صفوف المقاتلين صعدت، إيلي حبيقة،حاربت ودافعت ومن الهزيمة خرجت إلى الإنتصار ومن الإنتصار إلى البناء، إيلي حبيقة رجل استطاع العبور من فوضى الحرب إلى بناء الدولة،وقد نجحت بما سمحت لك الظروف في بلدٍ كان يعاني وما زال.
بالرغم من كل الصعوبات والمصاعب والتقلبات،كان حضورك مميزاً وبنّاءاً في كل وزارة استلمتها، يشهد لك كل من عاصرك في الحرب والسلم وكل من عمل معك، أنك الدؤوب والمثابر والمحفز لكل من حولك، شهد لك رؤساء ووزراء ونواب ومدراء عامون على ذلك وشهد لك المقاتلون أخوة وأعداء، أنك الآتي من زمن الحرب والعابر إلى زمن إعادة بناء الدولة، خافوا من المحارب فيك في البدء ومن ثم أُغرموا بالعمل معك، لك في ذاكرة كل لبناني مكانة عالية ولك في ذاكرة لبنان تحية وابتسامة تماماً مثل تحيتك رافعاً يدك للجميع ومبتسماً ومواكباً لكل الأمور،في حديثك وخطابك توازن رجل دولة وفي استماعك للآخرين في حديثهم لك خبرة وتواضع، فالذي يريد أن يبني وطن الدولة عليه أن يستمع للآخرين وأن يحترم الرأي الآخر بخبرة وهذا ما كنت تمتاز به، أما عن التضحية،فكنت عنواناً للتضحية المسيحية على كل الصُعد وعندما كان القرار بيدك وقادر على الحسم فضلّت التوبة في المسيح والبُعد عن الدم.
اليوم وبعد مرور أكثر من ثمانية عشر عاماً على اغتيالك يا شهيد القضية والحقيقة يتوق اللبنانيون إلى إيلي حبيقة رجل الدولة الحاضر في كل زمان ومكان وأقول لك يا أخي وصديقي ما زلت حاضراً في الزمان والمكان أنت وشهداء القضية الذين آثروا في نضالهم أن يعبروا من غيوم الحرب السوداء إلى بناء الدولة وتحصين الوطن واستمر نضالهم إلى أن أراد لهم الرب مكاناً أفضل،قضية وطن كلّفت الكثير من الشهداء الأبرار فأنت بجوار فخامة الرئيس القائد البشير ولحقت بكم المناضلة النظامية جوسلين خويري،ومعكم المكافح ريمون أسايان والشجعان جوزيف الزايك وإبراهيم الضاهر ونازاريت “نازو” نجاريان ومنذ أيام ٍ قليلة لحق بكم حبيب الأشرفية مسعود “بوسي” الأشقر،سبقهم الكثيرون وسيلحقهم الكثيرون.
اليوم وأنتم في السماء جميعكم، أمسكوا بأيدي بعض لأن لا أحد يريد أن يمسك بيدنا هنا على الأرض، أمسكوا بأيدي بعض وانقلوا شكوانا إلى البشير وقولوا له أنه ليس فقط البندقية لم تعد موحدة بل كل القرار المسيحي، ليس فقط الجبهة المسيحية العريضة تفككت بل كل الأحزاب المسيحية ضربها التشرذم وهي اليوم لا تستطيع أن تلتقط نفسها والشعب الذي كان يؤمن بها متروك للجوع ولوباء الكورونا فيما أحزاب أخرى قد استنفرت كل قواها وجندت كل كوادرها لدرء الخطر عن مجتمعاتها، أما أحزابنا المسيحية منغمسة في القتال مع بعضها البعض والمناكفة والمماحكة لأجل المناصب والكراسي. قولوا للبشير أن أحداً منهم لم يعد يمشي في شوراع الأشرفية ولم يعد يسأل عن أمن وأمان المسيحيين، قولوا له أن أحزابنا تنكرت لشعبها وغرقت في مصالحها في حين أن الأحزاب الأخرى عادت لقواعدها الشعبية وأمنت لها كل احتياجات الإستمرار في وضع لم يعد لنا القدرة فيه على الإستمرار،قولوا له أننا كفرنا واكفهرت بنا الدنيا وإن لم تقتلنا الكورونا سيقتلنا الجوع.
فربما في السماوات يا شهداء الدفاع عن الوجود أنتم تحضرّون لنا في جنان الرب لبنان ال١٠٤٥٢ كلم٢ الذي لطالما حلمنا به.
في ذكرى رحيل إيلي حبيقة، لا يمكننا سوى أن نفتقد كل شهداء القضية وكل الرفاق الذين غادرونا وارتقوا إلى السماء ونطلب منهم الصلاة معنا من أجل لبنان.
ميشال جبور