كارولين شبطيني على موعد مع «موسوعة غينيس بأكبر علم لبناني
صدى وادي التيم – لبنانيات/
تشكل مادة البلاستيك خطراً بيئياً ينعكس سلباً على صحة الناس، فتخلف أضراراً لا يستهان بها، لا سيما أنها مادة يلزمها مئات السنين كي تتحلل. ويعد لبنان أحد البلدان التي لديها تراكمات كبيرة من قوارير وعبوات بلاستيكية. ولديه اليوم أكثر من 280 ألف طن منها يتكبد بسببها مبالغ ضخمة لإعادة تدويرها أو التخلص منها.
ومن هذا المنطلق قررت الفنانة كارولين شبطيني، الإسهام في الحد من أضرار مادة البلاستيك من خلال استخدام عبوات وقوارير مستعملة في تصاميمها. فكانت خطوتها الأولى، صناعة أكبر شجرة ميلاد بطول 28 متراً، محطمة بذلك الرقم القياسي الذي سبق وحققته مدينة مكسيكو. أما إنجازها الثاني في مادة البلاستيك فحققته من خلال تصميمها لأكبر هلال صممته من أغطية وقوارير بلاستيكية. وفي الحالتين استطاعت كارولين أن تحطم أرقاماً قياسية في موسوعة «غينيس» العالمية. فبتصاميمها التي تخاطب بيئة سليمة، تمكنت أيضاً من إخراج اليابان بعد أن غلبتها في الرقم القياسي الذي حققته في صناعة أكبر هلال من مادة البلاستيك المعدة للتدوير.
اليوم تستعد شبطيني لمغامرة جديدة تعلق عليها الآمال لدخول موسوعة «غينيس» للمرة الثالثة. وهذه المرة اختارت العلم اللبناني بعد أن قررت تصميمه وصنعه من عبوات وأغطية وبلاستيكية. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على أبواب عيد الاستقلال اللبناني في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام. وبهذه المناسبة أخذت على عاتقي تقديم هدية لوطني علها تُسهم في إلقاء الضوء على دوره الحقيقي بالمنطقة كمنارة ثقافية لا تنطفئ». وتتابع في سياق حديثها: «إن انفجار بيروت والمأساة التي خلفها، دفعتني إلى التفكير بإيجابية ضمن عمل فني يمحو بعض الحزن الذي تسببت به هذه الكارثة».
بحثت شبطيني في موسوعة «غينيس» عن أكبر علم مصنوع من البلاستيك، وعندما وجدت أن أحداً لم يفكر بعد بهذا الموضوع قررت القيام به، ليكون لبنان أول دولة في العالم تدخل كتاب «غينيس» من خلال علم بلادها مصمماً من مادة بلاستيكية. «أعجبتني الفكرة، وبدأت التحضير لها مع شباب متطوعين لا يتوانون في كل مرة أرغب في تنفيذ مهمة مماثلة من تجميع أعداد كبيرة من قوارير وعبوات وأغطية بلاستيكية أستخدمها في تصاميمي. حالياً وصلت إلى المراحل الأخيرة من تصميم العلم. واستخدمت أدوات وأغراضاً تتلاءم مع ألوانه ألا وهي الأحمر والأبيض وفي وسطه الأرزة الخضراء. وبآلاف عبوات البلاستيك المخصصة للمياه المعدنية وأغطية عبوات حلوى، وأخرى تستخدم للنرجيلة وغيرها جمعت شبطيني لونين أساسيين من العلم اللبناني (الأبيض والأحمر). ولجأت إلى قوارير بلاستيكية خضراء لتنفيذ الأرزة في وسطه».
وتعلق: «يلفتني اهتمام الناس وحماسهم في كل مرة أنوي فيها تنفيذ تصميم معين. الدعوة تكون مفتوحة أمام الجميع لمساعدتي فيلبون النداء ويساعدونني». استغرق التحضير لتصميم العلم نحو ثلاثة أسابيع وثبتته على أرض إحدى الساحات المخصصة لحفلات الزفاف في منطقة الشمال. وبمساعدة الشابين يوسف مسعود وربيع محفوض نفذت العلم اللبناني بطول 15 متراً وعرض 20 متراً، بحيث بلغت كامل مساحته نحو 300 متر مربع. وعن أملها في دخول الموسوعة العالمية من خلال هذا التصميم تقول شبطيني: «أنا قريبة جداً من دخول (غينيس) مرة ثالثة، لا سيما أن الفكرة لم يسبق أن تطرقت لها أي دولة أخرى غير لبنان. ومع وضع اللمسات الأخيرة للعلم سأصوره بواسطة طائرة الدرون وأرسله للموسوعة لتأخذ قرارها النهائي في الموضوع». وعن سبب عدم مجيء أحد ممثلي الموسوعة إلى لبنان للوقوف على التفاصيل تقول: «مع الأسف لا أملك الميزانية المادية التي تخولني القيام بذلك. فكلفة استدعاء ممثل (غينيس) إلى بلدنا تبلغ نحو 10 آلاف دولار. ما من جهة رسمية أو خاصة تهتم بتصاميمي أو تدعمني مادياً. وحتى اليوم أتحمل كلفة أعمالي الفنية على نفقتي الخاصة. فهناك مساعدات خجولة تقدمها بعض الجمعيات التي تهتم بالبيئة أمثال (غو غرين)، التي تمدني بكمية محدودة من مادة اللصق ليس أكثر».
وتشير شبطيني إلى أن ريع هذه الأعمال تتبرع بها إلى مؤسسات خيرية كـ«كيدز فيرست» التي تهتم بأطفال مرضى السرطان.
وتعتب شبطيني على المسؤولين في لبنان لعدم مساندتهم لإبداعات أبنائهم، وتقول: «مع الأسف، في العملين السابقين، لفتت أنظار دول أخرى في ظل غياب تام لاهتمام مسؤولين لبنانيين. وأدعو كل من يهتم بالحفاظ على البيئة من جمعيات ومؤسسات في لبنان وخارجه أن يقدموا الدعم لأعمالٍ من هذا النوع. فكميات البلاستيك التي استخدمها في تصاميمي تسهم في التخفيف من كميات النفايات المرمية هنا وهناك. كما أن الشرط الأساسي الذي تفرضه موسوعة «غينيس» على المشاركين معها يقضي بإعادة تدوير التصميم المنفذ والرابح معها لنكمل الدورة البيئية السليمة».
وعن مشاريعها المستقبلية تقول: «لدي مجموعة من الأفكار التي أنوي من خلالها تنفيذ تصاميم ترتبط بالعاصمة بيروت. وأفكر بالتوجه إلى تصاميم تحاكي الشباب الرياضي ومعالمنا الخاصة في هذا المجال الحيوي».