الإسلام براء منك يا إردوغان …بقلم ميشال جبور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

في أحداث الأمس القريب مشاهد قد تبدو سريالية في البدء لكثرة تشتت قطعها، لكن ما إن تتجمع الزوايا على بعضها وتلتقي القطع بثنايا القطع تتكون الصورة…تركيا إردوغان منذ بدء الأحداث في سوريا،والعنوان واحد،وضع اليد من جديد على القرار العربي الإسلامي في المنطقة.ما إن اندلعت الأحداث في سوريا حتى زج إردوغان بنفسه من الباب العريض ضارباً بعرض الحائط كل العلاقات الدبلوماسية والصداقة وحسن الجوار مع سوريا، فما منعه الرئيس الراحل حافظ الأسد وما نسجه الرئيس الحالي بشار الأسد قد تم رميه بين سندان المصلحة الإخوانية وسندان أحلام إردوغان بالخلافة على العرب من جديد.
تحولت تركيا بين ليلةٍ وضحاها ملاذاً لكل مقاتل ومرتزق يتغذى على الفكر الإخواني،وتحولت بعض مناطق تركيا وسوريا الموازية لبعضها حدودياً إلى مرتعٍ لعصابات إخوانية دموية وليس إلى جيش ٍ أو ميليشيا هدفه الفعلي إعادة حقوق الشعب السوري أو درء الظلم والإستهداف كم زعم إردوغان، بل الهدف وبشكل بسيط،تحويل مناطق سورية إلى ولايات إخوانية تخدم مآرب إردوغان وأطماعه وأهمها كان إدلب.فمنذ اليوم الأول،أغلقت حركة حماس مكاتبها في سوريا وانسحبت لكي تتكشف خيوط مؤامرة خفية في المنطقة،وقراءتها أصبحت واضحة،صحيح أن النظام السوري لديه سيئاته وعوراته لكن ما سعت الدول العربية يوماً إلى حلِّ الأمور بهذا الشكل الدموي والتدميري،لكن ذلك ما أراده إردوغان لغاية مضمرة في نفسه الخبيثة،فسيد الفكر الإخواني والعثماني المتجدد أراد امتطاء ما يجري في سوريا من امتعاض شعبي كي يشكل له نقطة ارتكاز يتوسع منها نحو فلسطين ولبنان ومصر بإسلوب ظلامي خبيث.
لكن شائت الأقدار أن يُصفع مرة تلو الأخرى،فحلمه بمنطقة عازلة في سوريا تحطم،وكذلك حلمه بوضع اليد على القرار الإسلامي في سوريا،فكل الإرهابيين الذين دفع بهم عبر حدوده فإدلب وكل المنطقة تقهقروا بفعلٍ غير مباشر ومصالح أحياناً متقاطعة وأحياناً أخرى متضاربة.فإردوغان يعلم جيداً أن السباق الذي يقوده مكشوف، فعلاقاته مع إيران من تحت الطاولة لم يستطع ا ل ح ز ب  أن يخدمه فيها في المنطقة وعلاقته المتينة بالإخوان المسلمين لم تعد خفية على أحد ودعمه لهم عبر حركة ح م ا س لم يعد مستوراً، فكانت السعودية والإمارات ومصر له بالمرصاد، وهو أعجز من أن يواجههم مجاهرة فيختلق الأزمات في البحار منقباً عن نفطٍ ليس له مسبباً التشنجات في المنطقة الإقليمية،ويحاول استغلال عناوين أزمات أخرى مثل الأزمة السياسية والمالية في لبنان لكي يتوغل في المناطق المعدمة المتروكة مثل طرابلس عبر جمعيات يدعمها لتنشر أفكاره الضلالية العقيمة ويجهد في استقطاب الدكاترة والأساتذة لتركيا وبعقود بالدولار فيما يموت شعبه من الجوع،فيقدم لهم ظروفاً من الشاي.إمتعاضه من السعودية والإمارات ومصر تحول شيئاً فشيئاً إلى حقدٍ أعمى وهو يهاجم في كل الإتجاهات منصّباً نفسه والياً على قضايا العرب وخاصة على القضية الفلسطينية،واستشراسه على الدول الأوروبية وخاصة فرنسا إنما له خلفية سياسية واقتصادية أيضاً، ففشله المستمر في الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي وسقوط ورقة التين عن مشاريعه الإرهابية الإخوانية في المنطقة أمام المجتمع الدولي ولّد لديه استياء عميق سرعان ما اتخذ مظهر تأليب التطرف والخطاب الفتنوي والتصرفات المستفزة لمشاعر الجميع،فهّمه الأول والأخير أن يأكل الحصة الأكبر في ملف السلام ظناً منه أن بإستطاعته الإمساك بورقة فلسطين ولبنان وسوريا عبر الترهيب والترغيب،وما جرى في فرنسا في الآونة الأخيرة يحمل بصماته وبصمات إرهابه المدمغة في كل ناحية فيه فهذا التطرف السادي ليس إلا من صنيعة من يستسيغ طعم،وما يجترعه إردوغان إقليمياً من حقد دفين على العرب الذين سبق وتحرروا منه إنما يلصقه بالإسلام ظناً منه أن ذلك يخدم مصالحه،هذا بالإضافة إلى الإعتماد على الدعاية والظهور الإعلامي كي يروج لنفسه على أنه راعي الإسلام فيما هو يشوه الإسلام الصافي ويخدش شعور المسلمين والمسيحيين الذين نبذوا كل تطرف وتآخوا على العيش المشترك والتضامن والتعاضد في كل المنطقة العربية والدولية.
شتّان ما بين إردوغان والإسلام، شتّان ما بين الفكر الإخواني والدين الإسلامي الذي لطالما دعى لنبذ العنف وتغليب العقل والتسامح، إن الإسلام لم يدعِ يوماً لقتل الأبرياء والدول العربية قد لفظتك فأنت لا تعيش سوى على دماء العرب،ومشاريعك يا إردوغان لا تشبهنا ولا تشبه قوميتنا العربية، وإن كان أنت أو إيران،أنتم أعجز من أن تقرروا مصير الأمة العربية،فإن كان السلام العادل والشامل كانت السعودية والإمارات ومصر في طليعة إحقاق السلام لكل الشعوب العربية وإن كانت الحرب فهي أيضاً خير من يدافع عن الأمة،أما أنت فقد خسئت والإسلام دين محبة وتسامح وانفتاح وهو…برّاء منك يا إردوغان.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى