شذرات من العمر الهارب “بقلم سلام اللحام”

صدى وادي التيم-رأي حر بأقلامكم/

إنّه أحد أبرز الوجوه  اللبنانيّة التي نسجت  وحاكت الواقع الذي عاشه ويعيشه الوطن ، بخفّة وذكاء وبراعة وموهبة فذّة على مدارأكثر من ستين عامًا ، خيّط فيها مسرحه الفكاهيّ، ولوّن حياتنا بشذا كتاباته وعطر أفكاره ، وخفة ظلّه ،وبديع أسلوبه ،ناقلًا صورة مجتمعنا  بكل تناقضاته وألوانه وأشكاله إلى المدى الواسع  ،ناقدًا الواقع المرير بشفافيّة ودقّة لا متناهية ،مُحوّلًا “القرف “إلى فرح وابتسامة .إنّه  المخرج الكاتب والممثل اللبنانيّ سامي خياط  الّذي عرف كيف يملأ الدنيا ومسارحها بالإبداع والفنّ النّظيف والثّقافة  والنّقد الصخب والضحكة والاحتفاليّة دون إسفاف أو ابتذال ، ودون شتائم وكلام ناب ،بل بأسلوب راق شفاف ورزين.

إنّه سامي خيّاط عاشق المسرح والكوميديا الّذي زرع الضحكة في سجلّ دفاترنا،وأثرى المكتبة الثّقافية بأجندة العمر المتشاقع المتراكم فحفر تجربته وغاص  بعيدًا في أعماق الإنسانيّة والوجدان ، وطبعَ مخزونه الفكري على أكثر من خمس وخمسين عملًا مسرحيًّا .

هو تلميذ إيفيت سرسق الذي  دخل قلوب الناس من خلال قناة 9 الفرنكوفونيّة وبرنامج Yvette reçoit”  ، وشكّل مع زوجته نائلة ثنائيًّا في الحياة وعلى المسرح، هي مع غيتارها وصوتها الجميل، وهو من خلال شخصيّته الفريدة وأسلوبه الخاص.

لقد  دشّن  خيّاط مشواره الفنيّ بمسرحية “موليير، هوغو، وسوفوكول” الّتي قدّمها في عام 1960، ثم بنى مسارًا من المسرحيّات التي صُنّفت ضمن المسرح الغنائيّ الهجائيّ اللّاذع  السّاخر، حيث كانت أعماله السنوية تُعرض طوال أشهر، حتى في أقسى مراحل الحرب التي شهدها لبنان بين العامين 1975 و1990. فتميّز  خياط، الحائز إجازة في الحقوق والعلوم السياسيّة ،وأخرى في الآداب المعاصرة والألسنيّة، باستخدامه في أعماله مزيجًا  من اللغة الفرنسيّة واللهجة اللبنانيّة ،وكان يكتفي أحياناً بالفرنسيّة وحدها، ويستقطب فئة واسعة من الفرنكوفونييّن والمثقفين ،ومُنح في العام 2020 وسام الفنون والآداب الفرنسي برتبة ضابط، تقديراً لأعماله،كما تمّ تكريمه من مؤسسات عدّة أبرزها مؤسسة جبران تويني ومؤسسة فخرالدين الثّاني.

سامي خيّاط الذي غادرنا الشهر الفائت بصمت دون أن يشارك العالم وضعه الصحي أو معاناته المرضية ، ربّما تفاديًا للحزن والشّفقة،وهو الذي وزّع الفرحة ورسم الضحكة على وجوه الملايين ،استطاع أن يحاكي النّسيج اللّبنانيّ  بكل أطيافه ،بثقافة معهودة  وخبرة منشودة ودقّة موصوفة . علّ الزّمن يعوّض لبنان برجالات من أمثال سامي خياط النادرالفريد بشخصه وإنسانيته …

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى