حتى لا يُرتكب الإثم مرتين،فلنحترم عقول الناس في قضية تفجير مرفأ بيروت …بقلم ميشال جبور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم/

في الرابع عشر من أيلول من الصيف المنصرم مثل اللواء عباس ابراهيم أمام القاضي فادي صوان المشهود له بنزاهته واستمع لإفادته وكانت إفادة لا غبار عليها محترماً بذلك القانون وكلنا نذكر آنذاك كيف امتنع بعض من المسؤولين الذين تم استدعائهم ورفضوا ذلك بحجة أن القاضي صوان تجاوز صلاحياته،ولكن الكل يشهد على مناقبية القاضي صوان وترفعه عن الصغائر وحكمه الرصين ولو وجد شيئاً حينها ولو بأقل شبهة لما توانى عن اتخاذ قراره باللواء عباس ابراهيم،لكن تم إسقاطه بمفاعيل السياسة الخبيثة ودهاليزها.
أما اليوم ومع اقتراب الذكرى الأليمة لإنفجار بيروت الآثم الذي ذهب ضحيته آلاف الشهداء والجرحى وتشردت آلاف العائلات بسببه وتدمرت فيه معالم بيروت العاصمة الراقية الشاهدة على الزمن تدميراً فاق ما استطاع فعله أي عدو بنا وفاق ما حصل في هيروشيما بشناعته،تعود بنا الذاكرة الأليمة كي نؤكد بأن لا شيء يعوض خسارة الدم ولا شيء يُثلج صدر أم ٍ لم تجف دموعها بعد خسرت فلذة كبدها وفقدت عزتها وعزوتها في الحياة، فمهما كانت الأقدار يجب أن يُحاسب كل مسؤول عن ذلك وبأقسى العقوبات ولكن،لتكن محاسبة شفافة وهادفة للإقتصاص من كل مجرم بحق بيروت وأهاليها وليس للإنقضاض السياسي والمعنوي على أي أحد.
فما إن استلم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والمشهود له بنزاهته الرفيعة زمام الملف حتى عاد غربان النعيق للتشويش على صوت أهالي بيروت وعادت غرف الظلام لتنشط بنشر الإشاعات المغرضة،فالمتهم بالقانون بريء إلى أن تتم إدانته ولكن ما حصل هو استباق لمجريات التحقيق وذر الرماد في العيون،فأي عقل راجح سيتقبل فكرة أن اللواء عباس ابراهيم قد أودع في دولة الإمارات مبلغ أربعة ملايين دولار وهو يملك أجمل العلاقات وأرقاها مع الإمارات ومناقبيته تصدح ومدخوله كرجلٍ عسكري معروف تمام المعرفة، فالحكمة تقول أنه لن يرتضي لا لنفسه ولا للإمارات بهذا النوع من الإحراج أو الإسفاف في العلاقات بين البلدين وبالتأكيد ليس اللواء عباس ابراهيم صاحب الأيادي البيضاء في أصعب الملفات الأمنية خدمةً لبلده وأهله من يرتضي بمال حرام أو برشاوى أو بثمن صفقات وزج اسمه في فضيحة مالية لا تمت بصلة للملف إنما يطرح علامات استفهام عن توقيت بث هذه الأقاويل التي تهدف إلى زعزعة الثقة برجلٍ لم يعرف يوماً سوى احترام وطنه وبدلته العسكرية،فابحثوا جيداً عمن تلوثت أيديه بالدم والصفقات والنهب والمال الحرام في دهاليز السياسة وصنّاع العراقيل والمشاكل.
ابحثوا جيداً عمن وجد الفرصة المؤاتية لكي يغتال اللواء عباس ابراهيم سياسياً ومعنوياً بعد أن تظّهرت في الفترة مؤشرات عربية ودولية تدفع باتجاه أن يتبوأ اللواء مناصب سياسية رفيعة فمن الواضح أن المنطقة مقبلة على تغيرات جذرية وإنكباب بعض الأبواق الإعلامية على اختلاق الفضائح المالية للواء مثير للريبة في شكله ومضمونه،فلسنا هنا بمعرض التشكيك بقرارات القاضي بيطار أو بإجراءاته ولكن من نهب خزينة لبنان وأفقره ودمر الإقتصاد وعلى يديه دماء الأبرياء قد أوعز إلى أبواقه وأقلامه وجيوشه الإلكترونية بشن الحملات التي تستهدف سمعة وصورة اللواء عباس عبر بث الشائعات الكاذبة والمغرضة التي تجرّح برجلٍ رفع إسم لبنان عالياً عربياً ودولياً وتم تكريمه أكثر من مرة فكان دائماً عنوان الأمن والأمان، وهنا نسأل سؤالاً،هل من مرة ظهر اسم اللواء عباس ابراهيم إلا في قضايا مشرّفة للوطن فيما كثيرون غيره يلبسهم الفساد والشبهات على أوسع مقاس؟هل يعقل أن رجلاً لم يقترن اسمه يوماً بمنظومة الفساد أن تكون له يد في إدخال أو الإتجار بنيترات الأمونيوم وهو الرجل الذي لا يستكين لحظة من أجل أن يُبعد الخطر عن لبنان،أن يخاطر بلبنان وشعبه من أجل المال؟
ما يحصل اليوم هو تعمد فاضح ومحاولة إجرامية جديدة لطمس التحقيق وجذبه في الإتجاه غير الصحيح عبر بعض الدهاليز الإعلامية الخبيثة فمنظومة الفساد تبحث مجدداً عن كبش محرقة متذرعة بحصانتها،فاللواء لم يمتنع يوماً عن الإمتثال للقانون ولن يمتنع اليوم عندما يأخذ القانون مجراه الطبيعي وتأخذ الأمور مسلكها النظامي، فالرجل قد قام بواجباته الأمنية على أكمل وجه وتقاريره هي الشاهدة على ذلك وعمل ضباطه الرفيع المستوى مدمغ بالتضحية الدائمة كلما دعا الوطن،والتقارير التي رفعها اللواء عباس ابراهيم في موضوع نترات الأمونيوم هي الدليل الساطع عن مدى برائته من زمرة الفاسدين وشهوتهم للمال، فهذا الرجل قد عُرضت عليه الوزارات ولم يقبلها، وهذه معلومات يتم الكشف عنها لأول مرة، كي لا يقترن اسمه يوماً بعصابة الفساد الدنيئة بل ارتضى لنفسه الخدمة العسكرية وخدمة الوطن والسمعة الجيدة، فهو لم يعرف يوماً سوى المؤسسة العسكرية وأخلاقها التي انطلق منها.
اليوم،وقبل أن ترتكب جريمة ثانية بحق بيروت وأهالي بيروت وشهداء بيروت فلنستمع لصوت الحق ولحكمة العقل ولتكن قضية مرفأ بيروت مدخلاً محقاً لدحر الفاسدين الفعليين والقتلة الفعليين لأهل بيروت،فالبريء وصاحب الحق لا تهمه حصانة والأجدر بالحكام من نواب ووزراء أن يرفعوا حصانتهم ويحاكوا متطلبات المرحلة العاصفة بلبنان بدل أن يدفنوا رأسهم بالرمال وليذهبوا إلى التحقيق بدل التلطي وراء مؤتمرات صحفية يتلو مقراراتها دمية متحركة تستفز مشاعر اللبنانيين ومكروهة على كل الأصعدة.
لمرة واحدة لنحكّم ضمائرنا قبل أن نستسلم لمن يريد دفن التحقيق وإلصاق التهم بغيره والهروب إلى الأمام متناسياً أن كل دمعة ذرفت وشظية زجاج كُسرت وجدار تحطم أغلى بكثير من طبقة حاكمة تسترخص أرواح البشر كي تملأ جيوبها.

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!