في عشرين يوماً ويوم أصبح لبنان وطناً، سيداً حراً مستقلاً ولكل ابنائه بقلم ميشال جبور
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
٢٣ آب ١٩٨٢،تاريخ لا يعرف الخوف لجمهورية لا تعرف الخوف في وجه رئيس خاف منه وارتعب كل السماسرة والمرتهنين والمرتشين، وجه بابتسامة فخامة رئيس وبنظرة دبّ منها الرعب في نفوس تجار الأزمات وبرؤية لمستقبل وطن مساحته ١٠٤٥٢ كلم٢ لكن حدوده أبعد من العالم أجمع، وجه فخامة الرئيس بشير الجميل، ذلك الرئيس القوي بالكلام والفعل،الذي انتظم الوقت أمامه وركع الفساد بأزلامه أمام هيبته،
٢٣ آب ١٩٨٢،تاريخ غيّر وجه التاريخ.أهنالك شعب في العالم يفضّل أن يتطلع للماضي بدل أن يتطلع للمستقبل، هنالك الشعب اللبناني.هذا الشعب المقهور على مدى تاريخ وطنه، لم يتزعزع إيمانه في الأمل الذي زرعته به يا بشير الجميل خلال عشرين يوماً ويوم، فكنت للشعب حلماً لا يموت، حلم دولة قوية وعادلة وجريئة في محاربة الفساد.
نحن اليوم هيهات من جمهوريتك يا بشير،في عشرين يوماً استقام الوطن، فالكل كان يقوم بواجبه على أكمل وجه، الموظف على رأس عمله في رأس الدوام وإلى آخره، لا رشاوى ولا صفقات ولا تلزيمات، لا عصي على القانون ولا مناطق أمنية لا يستطيع الجيش اللبناني أو القوى الأمنية دخولها، لا محسوبيات ولا تقاعس في تأدية الواجب،لذلك ما زلنا نتطلع إلى الماضي الذي فيه تاريخ مشرّف،
تاريخك وعهدك يا فخامة الرئيس.نطالب بك اليوم،نطالبك بالعودة،نُجبر ذاكرتنا على استعادة الحلم كي نستمد من لحظاتك الصمود في وطن سلطته فاسدة وحكامه مرتهنون، في وطن تم اغتصابه على مدى ثلاثين عاماً،ساسة صفقات وتلزيمات،كسّارات مخالفة أقوى من القانون ووطن كان يصّدر الترابة فأصبح يستوردها، وطن لم يعرف طعم الكهرباء على مدى ثلاثة عقود، كهرباء صُرفت عليها المليارات من الدولارات كانت كافية لنبني بها محطات نووية ولم نحصل على الكهرباء، بل وأكثر، أتونا في نهاية الأمر ببواخر توليد للكهرباء اتضح أنها هي الأخرى أعجز من أن تعمل حتى،تصطف في عرض بحرنا، دون جدوى ونصرف عليها الأموال،ومازوت محتكر ومهرّب ومواطن يحمل حرقة في قلبه تكاد تقتله.
ما أبشع هذه الأيام التي نعيشها يا فخامة الرئيس، حكامنا يسلبون أموالنا، تجار أزمات يتحكمون برقاب العباد ومصارفنا انتفخت من كثرة ما سرقت ثم وبكل وقاحة امتنعت عن إعطاء المودعين حقوقهم،والسلطة عاجزة وفاسدة ومقيدة بفسادها.
في السنوات الأخيرة، زاد الإمعان في نحر اقتصاد الوطن وماليته وثروات خزينته، العملة الوطنية أصبحت في مهب الريح ولا أحد من الحكام يشعر بالناس، حكام يجلسون في أبراجهم العاجية ولا يستمعون لأنين الشعب.
نحن نعيش مرحلة انهيار واندثار الدولة، دولة استطعت أنت بناءها في عشرين يوماً،مرت ثلاثة عقود وما زالوا في مزارعهم العفنة يريدون المواطن مذلولاً أمام عتبات قصورهم الفارهة محاطين بمرتزقة يدافعون عنهم بوجه المواطنين الثائرين على الظلم،لهذا نحن نستذكرك يا فخامة الرئيس بشير وحلم جمهوريتك لم يمت يوماً بداخلنا،في أيامك عاد لبنان إلى خارطة العالم فجلست على الطاولة مع ممثلي أهم الدول،أما اليوم،لا صديق لنا لا على المستوى العربي ولا الدولي،نحن عراة وأيتام وشحاذون نبكي على أبواب مؤتمرات دول مانحة لا تثق بحكامنا.في أيامك كانت الدولة في كل مكان، أما اليوم، فلكلٍ دولة على مقاسه والقانون لا يُطبق سوى على فئة أما المستكبرين على القانون فهم أسياد.في أيامك لم يُسمح سوى بالجيش اللبناني قوة مسلحة على الأرض،أما اليوم،فما أكثر اللذين على الأرض يرعبون الناس بقوة السلاح،لبنان لم يعد له دولة ولا يشبه لبنان الذي ضحيت لأجله ولكل ابنائه باستشهادك.
نحن اليوم بأمس الحاجة إليك يا رمز العنفوان والصمود والنهوض، نحن بحاجة إلى رجال دولة من قامتك،فلم نعد نملكهم،لقد أخفق مسؤولوننا في واجباتهم وأهملوا مسؤولياتهم فانفجر مرفأ بيروت الذي أعدته للحياة في زمنك وتدمرت بيروت على رؤوس أهلها وبكت الدنيا على شهداء ماتوا ضحية ازدراء حكامنا بحياة الشعب وبالوطن،الأشرفية التي استبسلت من أجلها دمرها أهل السلطة بأشنع مما أنزل بها أعتى الأعداء وكل شارع جلت فيه يبكي اليوم على شهيد له، لقد نحروا رقبة الوطن يا فخامة الرئيس ولذلك اليوم نحن شعب نتطلع إلى ماضينا ونريده أن يعود، نتطلع إليك يا حلم لبنان، فمهما قتلوا وكيفما قتلوا بنا لن يقتلوا حلم اللبنانيين، حلم الجمهورية، بشير الجميل فخامة الرئيس.
ميشال جبور