بيوتنا وصدر منازلنا ومدارسنا وكل قرانا كانت لكم مفتوحة،والعتاب يساوي الغضب
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
في كل إطلالة لسماحة السيد ترقب لكلامه،أما في إطلالة البارحة، هنالك ما حرّك بداخلنا التيقظ والتنبه لكل حرف من كلماته.
لقد نسيت سماحة السيد ن ص ر ا ل ل ه أن تحتضن أهل بيروت،ففي عدوان تموز فتحنا كل أبوابنا ل ل م ق ا و م ة، منازلنا ومدارسنا ومؤسساتنا وأحضناننا كانت بتصرف المقاومة بوجه العدو الصهيوني، لكن سماحتك تناسيت أهل بيروت المفجوعين،وبدل أن تقول لهم أن احتفالات انتصار تموز قد أُرجئت أمام المأساة والقتلى والجرحى والمفقودين، قلت أنها تأجلت بسبب تفشي الكورونا،انتظرنا أن تقول لأهل بيروت التي ألمت بهم نكبة وجريمة نكراء أن كل قدرات ومقدرات ا ل ح ز ب هي بتصرفكم يا أهل بيروت وأننا وقوفاً وحداداً على ضحايا تلك الكارثة التي هي من أكبر الكوارث التي عصفت بلبنان سنلغي احتفالاتنا تضامناً مع البيئة التي حضنت ا ل م ق ا و م ة في أشرس عدوان اسرائيلي على لبنان في تموز ٢٠٠٦، لكن قوبلنا بالجفاء وبأحضان باردة، فكل تلك النكبة لم تحرك ساكناً في أحرف كلماتك سماحة السيد، غير أن ما فعله أهل بيروت لمساندة ا ل م ق ا و م ة إبان عدوان تموز يبقى أقل الواجب أمام شريك أساسي بالوطن،
كنا نتمنى لو أن سماحتك مسحت الأضرار والوجع بكلمة منه، فالوجع الذي يشعر به الأهالي يتخطى الأشرفية والرميل والمدور والكرنتينا والخندق الغميق ليصل إلى كل بيت في لبنان، لكن بعيد عن العين، بعيد عن القلب.
في خطابك سيد ا ل م ق ا و م ة ليس هنالك من حياديين، فكيف يكون ذلك وفي الشارع ثوار ١٧ ت١ منذ أكثر من عشرة أشهر، لكن السلطة الفاسدة لا تريد الإعتراف بهم لأسباب سياسية وربما لأن بعض الأحزاب تغلغلت بينهم لكن في لبنان الكثير من السياسيين والدكاترة والمهندسين والمحللين والإعلاميين والأكادميين المستقلين وهم قادرون على تشكيل حكومة تساعد البلد على النهوض من كبوته،
فلماذا الإصرار على الطاقم القديم الذي جربناه بحكومات الأقطاب والوحدة الوطنية والنتيجة دائماً فشل ما بعده فشل.أردنا التماس الشفافية من سماحتك في الطرح والأسباب، أردنا أن نسمع منك بأن لا ثقة بعد اليوم بهذه الأحزاب السلطوية التي قدمت الوطن قرباناً على مذبح الكوارث والفاجعات.سماحتك كانت الأحزاب شرف كبير للدفاع عن الوطن، أما اليوم، وإذا وضعنا جانباً المقاومين الشرفاء للعدو الصهيوني،فهي ملئ بمن يريدون الحظوة وبمن يبتغون المناصب والترفيعات والتنفيعات.فمهما ضخّمنا بأعداد المحازبين وقلّصنا بأعداد الناس،ولو وصل عدد المحازبين إلى المليون، سنجد في الباقي من الشعب اللبناني العديد من الحياديين الشرفاء ونظيفي الكف والذين عاطفتهم على المقاومة بالقلب والقالب أكبر بكثير من أي محازب يرى فيهم خطراً على نفسه.فلماذا يُتهم الثوار بأنهم عملاء سفارات في حين أن السلطة ظهرت في هذه الأحداث بأنها ربيبة السفارات الأولى، بل وأكثر، هرعت الدول من كل الأنحاء ببوارجها لكي تساعدها على حفظ ماء وجهها أمام اللبنانيين، هذه السلطة التي بإهمالها الذي يعادل تعمّدها بترك نترات الأمونيوم قد أنزلت بعاصمتها دماراً لم يجرؤ العدو الصهيوني على فعله، وأنتم بحزبكم تشكلون الجزء الأكبر منها،
أرجعت لبنان عشرات السنين إلى الوراء،وللأمانة، هنالك من الحياديين الكثر الذين لهم القدرة ليتحملوا أكبر المسؤوليات فيدهشون العالم بعملهم ومقاومتهم.
في سياق كلامكم سماحة السيد وردت عبارة كبت الغضب واستعماله للتصدي للحرب الأهلية، وهذا الكلام فاجئنا جميعاً،وبكلمة واحدة،نحن مع ا ل م ق ا و م ة ضد العدو الصهيوني للموت، لكن لا أحد منا مكسر عصا للآخر ولا أحد منا يرغب بحرب أهلية ومن هو القادر على الدعوة لحربٍ مثيلة، سنقف جميعاً بوجه كل من يحاول جرّ البلد إلى حرب أهلية ولكن، وبكل تواضع، نحن تنين مخفي نائم لا يريد أحد إيقاظه، وقادرون على دحر كل من يريد إفراغ غضبه علينا، نعشق العيش المشترك، لكن لا نسمح لأحد بإنزال غضبه علينا، هذه فداحة بالتعبير وخطأ جسيم يُرتكب بحقنا، لم ستغضبون يا سماحة السيد وأنتم من نصر لنصر، نحن الغاضبون، لأن عمليات القمع لا تُمارس سوى علينا والدولة ليست حاضرة سوى في مناطقنا وجباية الضرائب لا تطال أحداً سوانا، نريد من يبلسم جروحنا وليس من يُنزل فينا الوعظ ويعكس علينا كل الأخطاء.
سماحة السيد،كنا ننتظر أن تدق يدك على صدرك وتقول عندي أنا وتنتهي يا أهل بيروت، غير أن نبرة الإستعلاء ما زالت طاغية، ولهذا نقول، نحن معكم يا سماحة السيد ضد الإستكبار، وننتقد أميركا والعدو الإسرائيلي في مجتمعاتنا أكثر منكم،لكن لنبتعد عن استكبار بعضنا البعض، فنحن لا نرتضي لكم ذلك بقدر ما لا نرتضيه على أنفسنا، فلنفتح أبواب الحوار والنقاش البنّاء، فهل كل أهلنا من الشيعة هم من ا ل ح ز ب وحركة أمل،والأمر سيّان لأهلنا من السنّة والدروز والمسيحيين وكل الأطياف اللبنانية،
فإن كان كذلك فلم الإنزعاج من الثورة،ومن نحن جميعاً لكي لا نرضى بآخر العلاج الكي، بعد أن فقدنا كرامتنا أمام العالم بسبب هذه الحكومات المتعاقبة التي لبست ثياب السارق أمام المجتمع الدولي قاطبةً، فعندما تشترط الدول المساعدة بطريقة مباشرة للشعب وليس عبر الحكومات إنما هو الذل بعينه،ألم تشعر سماحتك بالغضب من إنحطاط مقدارنا ومن ثياب السلطة الوسخة، ألم تشعر بالغضب أمام كل مصابنا ومصائبنا وألم يحن وقت التخلص من الفساد ورحيل هذه السلطة الفاسدة، فالكرامة سماحة السيد هي بعزة النفس وليس فقط بخوض الحروب.
ميشال جبور