ما الذي يبحث عنه الإماراتيون والصينيون والأمريكيون في كوكب المريخ؟

 

صدى وادي التيم – تكنولوجيا واختراعات

شهدت الأيام الأخيرة إطلاق مركبتين فضائيتين في مدار حول كوكب المريخ، الملقب بالكوكب الأحمر، لتنضافا إلى ثماني مركبات فضائية توجد منذ مدة في مدار الكوكب أو تجوب سطحه. كما يتوقع أن يتم إطلاق مركبة فضائية أخرى مع نهاية الشهر الجاري.

يعد كوكب المريخ، الملقب أيضا بالكوكب الأحمر، أحد الكواكب الأكثر إثارة للاهتمام في النظام الشمسي. ففي أقل من أسبوع، غادرت مركبتان فضائيتان الأرض في اتجاه المريخ. ويتعلق الأمر بالمركبة الفضائية الإماراتية إسبوار، التي غادرت في 20 يوليو 2020، والمركب الفضائي الصيني تيان وين 1، الذي تبع سابقه بعد مرور أقل من ثلاثة أيام. كما من المقرر أن يلتحق بهما مركب فضائي أمريكي آخر مع نهاية شهر يوليو. عدا عن ذلك، توجد في مدار المريخ أو على سطحه ثمانية مركبات فضائية، كانت الولايات المتحدة وأوروبا والهند أطلقتها. وتتجلى مهام كل تلك المركبات في العمل على كشف علامات الحياة الماضية، ودراسة إمكانيات عيش الإنسان مستقبلا على ذلك الكوكب.

من هي الدول التي تخوض هذا السباق المحموم؟

تؤكد قناة فرانس أنفو في موقعها على الأنترنيت أنه وبعد تأجيل عملية إطلاق مركب فضائي في اتجاه كوكب المريخ، بسبب سوء الأحوال الجوية، تمكنت الإمارات العربية المتحدة خلال هذا الشهر، من إطلاق مركبتها الفضائية “الأمل”، في مهمة فضائية هي الأولى عربيا. وقد انطلقت المركبة الفضائية من مركز تانيغاشيما (اليابان) الفضائي. ومن المتوقع أن تبدأ مدارها حول المريخ بحلول فبراير من عام 2021، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لتوحيد الإمارات السبع التي تشكل الإمارات العربية المتحدة.

وبمجرد وصولها إلى الكوكب، ستدور المركبة الفضائية حوله لمدة عام كامل في المريخ، وهو ما يقابل 687 يومًا على الأرض. وستحاول المركبة تقديم صورة كاملة وغير مسبوقة لديناميكيات الزمن في جو المريخ.

أما الصين، فقد أرسلت، منذ بضعة أيام، المركب الفضائي “مانجاليان -1” (والتي تعني أسئلة إلى السماء-1)، انطلاقا من مركز الإطلاق في ونتشانغ، جنوب الصين. ويتوقع أن يصل، قبل عام 2021، إلى منطقة مجهولة من الكوكب. وتعد هذه المهمة الصينية مستقلة وجد طموحة، إذ تنشد الصين من خلالها اختصار الزمن بشكل كبير، وتحقيق كل ما حققته الولايات المتحدة تقريبًا في العديد من مهام المريخ منذ الستينيات، من قبيل وضع المركب الفضائي في المدار، وإرسال وحدة على المريخ، ووضع الروبوت المتحكم فيه عن بعد لإجراء تحليلات التربة والغلاف الجوي، والتقاط الصور، والمساهمة في رسم خرائط الكوكب الأحمر.. ويزن الروبوت أكثر من 200 كيلوغرام، ومجهز بأربع ألواح شمسية وست عجلات. وسيعمل لمدة ثلاثة أشهر. وفي حال نجاح هذه المهمة، ستكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تعمل فيها مركبة إنزال غير أمريكية وروبوت بدون طيار على كوكب المريخ.

وتعتزم الولايات المتحدة الأمريكية، إرسال جهاز جديد في اتجاه المريخ نهاية شهر يوليو 2020، بعد إطلاقها Curiosity في عام 2012 . وستكون هذه المركبة الفضائية المسماة “برسفيرنس”، الأكبر والأثقل والأكثر تقدمًا من قبل وكالة ناسا على الإطلاق إلى الكوكب الأحمر. وستهبط في 18 فبراير 2021 في فوهة جيزيرو، حيث تدفق نهر قبل 3-4 مليار سنة، ما أدى إلى ترسب الرمل والرواسب في واحدة من أفضل الدلتا المحفوظة على سطح المريخ. ويبلغ طول المركبة المجهزة بطائرة بدون طيار، ثلاثة أمتار، وتزن طنًا، ومزودة ب 19 كاميرا وميكروفونين وذراع آلي بطول مترين.

وتتوفر المركبة الأمريكية أيضا على معدات أمريكية فرنسية، SuperCam. حيث تطلق بالليزر على سطح المريخ، وتقوم بتبخير عينات التربة وتحليل التربة، كما يطلق النار على مواقع كي يتم فهم جيولوجيا الكوكب.

ولم يأت إطلاق الإمارات والصين والولايات المتحدة لمركبات فضائية في اتجاه كوكب المريخ، في وقت متقارب بالصدفة. فالنظام الشمسي يتيح مرة كل 26 شهرا إمكانية أن تكون الشمس والأرض والمريخ في هذا الترتيب بالضبط، والذي تكون خلاله المسافة بين الأرض والمريخ هي الأقصر، ما يوفر الوقود والإمكانيات المادية المخصصة للمهمة.

وفي غضون العامين المقبلين، يتوقع أن تطلق فرنسا وروسيا في إطار مهمة ExoMars، مركبة إكسومارز من كازاخستان. وستبحث المركبة عن قطع من المريخ، ستحملها بعد ذلك إلى الأرض من أجل تحليلها. وهي مهمة معقدة.

ما الذي يجعل المريخ جذابا للغاية؟

يعد كوكب المريخ، أقرب كوكب إلى الأرض. لكن ذلك لا يكفي لتفسير الاهتمام الكبير بهذا الكوكب. إذ إن الدراسات كشفت أن كوكب المريخ والأرض كانا متطابقين تقريبًا، منذ حوالي خمسة مليارات سنة.

فقبل 3.5 مليار سنة، كان للمريخ غلاف جوي وماء، وهو ما كان من شأنه أن يفضي إلى تطور شكل من أشكال الحياة.  فلماذا إذن لم يتطور الكوكبان بنفس الشكل؟ تلك إحدى الأسئلة الجوهرية التي ينشد العلماء الرد عليها، لأن الجواب قد يكون مفتاحا لوضع تصورات وخطط مستقبلية لإمكانيات العيش فوق الكوكب.

ويتعلق السباق المحموم نحو كوكب المريخ أيضًا بالقوة والهيمنة. فخلال الحرب الباردة، خاضت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سباقا لا يرحم نحو القمر. وبعد عقود، احتلت الصين مكان النظام السوفياتي، وذلك بهدف الاستثمار في الموارد المستقبلية وزيادة نفوذها ومكانتها السياسية أيضا. فاستكشاف الفضاء أصبح، في حد ذاته، صورة على التقدم وعلامة تجارية ومصدر فخر وطني.

المصدر: مونت كارلو الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى