سوق السلاح ينشط ومخاوف من حرب أهلية

 

صدى وادي التيم – من الصحف اللبنانية

 

يشهد سوق السلاح في لبنان منذ فترة قصيرة حركة كانت مفقودة في السنوات الماضية. فالاستنفار الذي شهدته خطوط التماس مؤخرا سواء في عين الرمانة وبعض مناطق بيروت السنية والشيعية، كما نقل معظم اللبنانيين قسما كبيرا من مدخراتهم من المصارف الى المنازل، اضافة للهواجس المتعاظمة من انفجار اجتماعي ومجاعة، كلها عوامل جعلت الكثيرين يبحثون عن السلاح والذخيرة لتأمين الحماية الذاتية في الايام والاشهر المقبلة خاصة في ظل الاجماع على انها ستكون صعبة جدا وبالتالي تستلزم الاستنفار والاستعداد لما هو آت.

وبحسب أحد المطلعين على عمليات بيع وشراء الاسلحة والذخيرة الناشطة في السوق السوداء، فإن سعر صندوق طلقات الكلاشن ارتفع من 400 ألف ليرة ليصبح مليوني ليرة كما ان سعر علبة طلقات المسدس والذي كان يبلغ 75 ألف ليرة أصبح 600 ألف، في ظل الشح في هذه المواد نتيجة الطلب المرتفع عليها.
وكما أسعار الذخيرة، ارتفعت أسعار الأسلحة. ويفوق سعر الكلاشن حاليا الـ 10 ملايين ليرة بعدما كان سعره نحو مليون و500 ألف ليرة، كذلك ارتفع سعر المسدس ليتراوح ما بين 9 و 12 مليون ليرة بعدما كان لا يتجاوز الـ4 مليون. وكما هو الحال في باقي الاسواق، ترتفع هذه الاسعار تبعا لارتفاع سعر صرف الدولار، اذ تتغير مع مرور الايام وتتضاعف مع مرور الاسابيع.
ويوضح مصدر ناشط في هذه السوق أن كثيرين يرفضون بيع ما يمتلكونه بهذه الاسعار لاقتناعهم بأن سعر صرف الدولار سيواصل ارتفاعه وبالتالي يفضلون كسب المزيد لذلك يجازفون بالانتظار اسابيع اضافية لاتمام عمليات البيع. لكن قسما كبيرا لا يجد خيارا آخر وبخاصة في مدينة طرابلس شمال لبنان التي تشهد الحركة الاكبر في هذا المجال.
وفي هذا الاطار يقول المصدر:”الجوع بات يطرق أبواب الكثيرين بقوة لذلك تم تسجيل حالات عديدة لبيع أسلحة فردية في طرابلس وهي اسلحة وزعت خلال الاحداث الدموية التي شهدتها المدينة في السنوات الماضية، لتأمين لقمة العيش، حتى ان البعض باع قطعة سلاحه بالتقسيط على ان يحصل على مبلغ محدد شهريا يشكل له مدخولا ولو بسيطا لتأمين الطعام لعائلته”.
وأحيت المناوشات التي سُجلت في أكثر من منطقة واتخذت أبعادا طائفية ومذهبية في السادس من حزيران الماضي، مشاهد الحرب الاهلية التي ظن كثيرون اننا تجاوزناها الى غير رجعة. وبالرغم من اصرار القيادات الأمنية على الطمأنة بأن الأمور لا تزال تحت السيطرة وبأن تجارة السلاح لا تزال محدودة نظرا للملاحقات والتوقيفات اليومية، لا يخفي مصدر أمني قلقه من ارتفاع معدلات القتل والسرقة والسلب، منبها من انعكاس الاوضاع السياسية والاقتصادية سلبا على الوضع الامني، مضيفا:”الامن لا يصنعه رجال الامن والاجهزة الامنية حصرا، انما الاستقرار العام في البلد، وهو ما نفتقده حاليا”.
ومنذ فترة، يتخذ عدد من اللبنانيين اجراءات أمنية استثنائية للتصدي لعمليات السرقة، خاصة بعدما بات كثيرون يخبئون أموالهم وأغراضهم القيمة في منازلهم، لفقدانهم الثقة بالمصارف. فلم تغادر ناديا. أ (60 عاما) منزلها في بيروت لتتجه الى بيتها الصيفي في بحمدون خوفا من تعرضها لعملية سرقة وذلك بعدما سحبت قسما كبيرا من مدخراتها من المصرف. هي باتت وللمرة الاولى منذ انتهاء الحرب الاهلية تقفل باب البيت بالمفتاح، قائلة:”لم نعد للأسف نشعر بالأمان. بتنا نترقب انفلات الامور تماما بين ليلة وضحاها. اذ ندرك تماما ان الجوع قد يفجر اكثر من ثورة هو قد يؤدي لانفجار امني كبير لن يكون احد قادر على التصدي له لان اعداد الجائعين والعاطلين عن العمل باتت بمئات الآلاف”.
وقد نقل ابن ناديا قطعة سلاح يمتلكها من “التتخيتة” الى احدى الخزائن السفلية واشترى لها بعض الطلقات، كما انه بات يضع مسدسا داخل سيارته خوفا من التعرض لعملية سلب خلال تنقله في مناطق جبلية بعيدة.
ولا يقتصر الاستنفار غير المعلن الذي تعيشه العائلات اللبنانية على شراء المؤن والبحث عن قطعة سلاح لمجرد تأمين الحماية، اذ يبحث كثيرون مؤخرا عن خزائن حديدية لتخبئة اموالهم وأغراضهم الثمينة، وقد شهدت محال بيع هذه الخزائن اقبالا كبيرا منذ تشرين الاول الماضي، الا ان من يمتلك “خزنة” صغيرة يبحث اليوم عن اخرى كبيرة بسعر مغر نظرا لسهولة نقل الخزائن الصغيرة من قبل السارقين.لكن ارتفاع سعر صرف الدولار جعل اسعارها مرتفعا جدا، ما دفع الكثيرين لاستحداث اماكن للتخبئة داخل منازلهم. ويقول احد اصحاب محال بيع هذا النوع من الخزائن ان الاقبال لا يزال جيدا وان كان تراجع قليلا في الشهرين الاخيرين مع الارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار. مضيفا:”للأسف الزبائن الذين يقصدون المحل يعيشون في حالة من الذعر لذلك يتخذون كل التدابير والاجراءات للحفاظ على جنى عمرهم”.

“ليبانون ديبايت”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى