وهل سنجرؤ على رؤية… الحل بقلم ميشال جبور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم

 

 

يعاني لبنان اليوم من تخبط عظيم ومأزق هائل، فضربة تلو الأخرى منذ أواخر ال٢٠١٧ والبلد يختنق والشعب يتجه نحو الجوع والفقر والمعاناة المعيشية تتفاقم يوماً بعد يوم وبعض الحلول التي طُرحت على الطاولة هي فلوكلورية، جميلة بالشكل وفارغة بالمضمون ومستحيلة للتطبيق.

علينا اليوم أن ننظر إلى مشكلتنا برؤية عربية، فنحن في ظل حكومة لا يبدو أن معظم الغرب مقتنع بها ناهيك عن العرب بسبب افتقارها لأسس الإصلاح،تارة تريد الاتجاه شرقاً وتتلمس النموذج الفنزويلي وغيره من النماذج التي تقف فيها الناس بالطوابير لأجل الرغيف،وتارة تناطح صندوق النقد بأرقام غير موحدة،غير أن جميع من فيها يعلم بأن أزمة الدولار الطارئة متعلقة بأزمة سياسية وإقليمية، ولا يمكن أن تقبل الإدارة الأميركية بأن تتنازل عن مصالحها الإستراتيجية في لبنان لا للصين ولا لغيرها.

فلا يظنن أحد أن أميركا ستسمح للصين بأن تأخذ لها حتى ولو مرقد عنزة بجانب إسرائيل،وهذا ما تجلى في آخر بيان لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الصين وبكل بساطة مسموح لها التواجد حتى في أميركا ولكن ليس بجانب إسرائيل،وبالتأكيد لن تسمح أميركا للصين بالدخول للمنطقة العربية من الباب اللبناني الواسع.

الحل بجزئه الأكبر والأشمل هو بالعودة إلى الحضن العربي، لم لا ننفتح من جديد ونحسن من أدائنا مع أخوتنا العرب،فمنذ استقلال لبنان وقفت الدول العربية بجانبنا، غير أننا في الآونة الأخيرة شهدنا كيف تم استعمال لبنان كمنبر لكيل الشتائم لكل صديق عربي للبنان وكأن هنالك من يريد مقاتلة العرب على حساب لبنان، فالمملكة العربية السعودية والإمارات والكويت ومصر لم تخذلنا يوماً وبالتأكيد لن تتخلى عنا ونحن على ثقة بذلك.إن الحل الأنجع للصمود لكي يقف لبنان على رجليه من جديد ويحافظ على سيادته هو بعودته إلى أحسن العلاقات العربية والأخوية مع من حمله على أكتافه إلى الآن، فما المشكلة إن وقفنا على خاطر من يساندنا دوماً وساندنا طيلة أعوام وأعوام وحمل همومنا في زمن الحرب والسلم، فالنار تحيط بنا ومن الواضح أن لبنان لم يعد يتحمل كلفة المواجهات العبثية والإقليمية مع الدول العربية وبالتأكيد كلفة إطلاق الوعيد والتهديد عبره لدول عربية ستكون بل أصبحت باهظة جداً،فنحن لم نفتح يوماً فاهنا عندما كان القتال مع إسرائيل، لكن عندما يراد استعمال لبنان لمشاحنة ومقاتلة العرب فهذا مرفوض حتماً، ومرفوض كل تعرض لأية دولة عربية صديقة للبنان وبالتأكيد نرفض رفضاً قاطعاً ونستهجن ما شهدناه من طائرات مسيّرة تخترق أجواء المملكة العربية السعودية وإطلاق صواريخ عليها تهدد سلامة شعبها وأراضيها، فأمن كل شقيقة عربية هو من أمن المنطقة العربية برمتها ولا يمكننا إلا أن نقف بجانب أخوتنا العرب قلباً وقالباً وليخرج من يريد مقاتلة العرب من نطاق لبنان وليفعل ما يشاء لكن ليس على حساب لبنان ولا على حساب مواطنيه، العبث لم يجلب لنا سوى الخراب والجوع.

إن انفتاحنا على الدول العربية الصديقة وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت ومصر لهو أمر طبيعي وضروري وعاجل، سيجلب لنا الطمأنينة ويعيد إلينا التوازن المالي ويعطينا ركيزة الصمود الأساسي بدل التقوقع المجحف بحق الشعب اللبناني. غريب أمرنا، النهر يحملنا ونحن عطاشى، فلطالما نهلنا من خيرات إخوتنا العرب وتبادلنا معهم العلاقات المميزة فما الذي سيحصل إن عدنا إلى كنف محيطنا العربي الذي لن يتخلى عنا لكنه بحاجة إلى مقابلة عتبه علينا بمحبتنا فتعود رحابة الصدور من جديد. لذلك نحن ندعو لأكبر مروحة اتصالات عربية لتحضير أرضية صلبة وقواسم وطنية مشتركة يعود من خلالها لبنان إلى حيث يجب أن يكون دائماً، في مكانه ومكانته العربية،وندعو لتجهيز لبنان سياسياً بحكومة لا تتصرف على هواها وتليق بانفتاح عربي كبير على قدر مستوى المرحلة الدقيقة والخطرة التي نمر فيها، حكومة تستطيع تنفيس الإحتقان العربي والقيام بإصلاحات ملموسة وحقيقية، لا تكون بلون واحد ولكن حكومة تضم كل الأطياف ولونها لون عربي يرتاح له أخوتنا واصدقاؤنا في المجتمع العربي والدولي لكي نعيد الثقة إلينا على كل المستويات. كما وأننا ندعو الجميع لتحمل مسؤولياتهم الوطنية وتذليل العقبات والغاء مفاعيل القطيعة العربية لنا، فلا يجوز أن نستمر كالغرباء في محيطنا وكياننا، كما وأننا نضع كل عمق علاقاتنا على مستوى الدول العربية لشد أواصر الصداقة من جديد والوصول إلى خواتيم سعيدة بحيث يعود الخير على لبنان، كما ونضع كل إمكاناتنا وجهودنا للعب دور إيجابي في سبيل التوصل لحوار عربي تكون نتيجته عودة الأمن والامان الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي لكل لبنان،فهل سنجرؤ على رؤية الحل.

 

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى