كيف كان سيكون وضعنا لو أن رئيس حكومتنا لا يصحى إلا ظهراً، ووزير صحتنا لا يملك شهادات اختصاص ووزير داخليتنا مرتشٍ وعابث… بقلم ميشال جبور

 

كيف كان سيكون وضعنا لو أن رئيس حكومتنا لا يصحى إلا ظهراً، ووزير صحتنا لا يملك شهادات اختصاص ووزير داخليتنا مرتشٍ وعابث…
في مشهد مهول وبأدق التفاصيل في تحضيرات متأنية وعلمية وذكية… عاد أولادنا إلى حضن الوطن بجهود ثلاث، وخلاص لبنان لن يكون إلا على يدهم، اولهم حكومة عدم استسلام استحقت لقبها بجدارة،ثانيهما رئيس حكومة لا ينام ولا يستكين معه وزير صحة متخصص وخبير بما يفعل ووزير داخلية رصين اثبت انه فعلاً “لا يرد على هاتفه”، وثالثهما، أطقم طبية عالية المستوى ومتجهزة طبياً وارادياً يرفدها طاقم طيران مستبسل وعمليّ على ارض الواقع.
هؤلاء اعادوا لنا اولادنا من الخارج، هذه الصيغة اللبنانية المثابرة على نبذ المناكفات والمماحكات والجاهدة في سبيل الخير الجامع للكل، فكم تعرضت هذه الحكومة للانتقادات وكم يدأب كل يوم الجلادون الفارغون على توجيه كلامهم السام بحقها، غير أننا رأينا ومنذ اللحظة الأولى رئيس حكومة يتحمل مسؤوليته، وزير صحة لا يفارق أرض المعركة مع الكورونا ووزير داخلية يتحدى كل هؤلاء الذين ينتجهون نظام “المزرعة” وقد أحاط وبفعل القانون كل أبعاد أزمة فيروس الكورونا وأمسك ويمسك يوماً بعد يوم بزمام الأمن بيد من حديد.
وللمرة الألف ربما لا يمكننا إلا أن نقدم التحية، تحية الإكبار والإجلال لهم ولكل العاملين في الطاقم الطبي على مهنيتهم العالية وخوفهم على أولادنا، سوياً قد نزلوا إلى المطار بخطوة واحدة، خطوة افتقدناها في هذا الزمن، فالدول الباقية التي لديها رعاياها عالقين بسبب الكورونا لم تقدم ولم تقوم بربع ما قام به لبنان رغم كل امكاناتنا المتواضعة، هنيئاً للأرزة التي يرفعها جبين رئيس الحكومة ووزير الصحة ووزير الداخلية، هنيئاً للأرزة بتضحيات الطاقم الطبي وطاقم الطيران هؤلاء هم المجاهدون في سبيل أمن وأمان الوطن وأولاد الوطن، تلك هي القامات التي نحتاجها في هذه الأزمات، هؤلاء هم رجال الدولة الذين نتطلع إليهم عندما يداهمنا الخطر.
إنهم الخيار المناسب في اللحظة الداهمة التي ترخي بثقلها على الوطن، إنهم رجالات دولة وشخصيات فذة وخبرات نحن بأمس الحاجة إليها، وهم بترفعهم عن المناحرات والإبتذال المنحط الذي ينضح به بعض من أهل السياسة إنما يسطرون عنواناً لمجد لبنان وقيمه الإنسانية وشيمه المتعالية عن الصغائر.
للمرة الألف نقول، هذه الحكومة قد اثبتت للجميع أنها ليس حكومة مرتهنة لأحد وليس صنيعة أحد، هذه حكومة تستحق الدفاع عنها، حكومة قديسين يعملون ليل نهار دون كلل أو ملل لأجل مصلحة الوطن العليا.
ولذلك نحن نكرر صرختنا التي نضمها لصرخة وزير الداخلية الذي أعلى الصوت مطالباً الناس بالتزام منازلها وعدم الخروج إلا عند الضرورة لما فيه من درء للخطر وايجابية لكسر تفشي الكورونا،على الناس أن تفهم وأن تتجاوب مع هذه الحكومة، لأنها الحكومة التي تعمل كحكومة ثورة على الحكومات السابقة، حكومة ملؤها الزخم والإندفاع وقد عجزت حكومات أكبر البلدان أن تقوم بما تقوم به حكومتنا رغم كل الضعف الذي أوهن مفاعيل البلد، لها منا كل التقدير، لأنها وضعت نفسها بمصاف الإستشهاديين الذين اقسموا على تنفيذ المهمة مهما كان الثمن، والتقدير ايضاً لكل الطاقم الطبي وطاقم الطيران على شجاعتهم المنقطعة النظير.
نشد على أيدي الحكومة جمعاء وأيدي وزير الداخلية بما نحن على يقين من جرأتهم، أن يتشددوا بالإجراءات مع كل من يخالف قانون التعبئة العامة وأن لا يسمحوا لبعض الفئات الضالة القليلة والمستهترة أن تستجلب الخطر على من يلتزم بالقانون وهم كثر، فلقد مر شهر ونيف وأغلبية المواطنين تلتزم الحجر الصحي في منازلها، غير أن هنالك قلة ساذجة غير واعية للخطر الكبير ما زالت مصرة على الاكتظاظ، مصرة على صلاة الجماعة معرضة حياة الناس للكورونا وحياة الجماعة للخطر غير مبالين بما قد يحدث وعندها لا ولن ينفع الندم.
نطالب وزير الداخلية وقوى الأمن بالضرب بيد من حديد إن كان في صيدا أو في طرابلس أو أي مكان آخر في لبنان، ونطالبه بمنع هؤلاء الذين يخرقون التعبئة العامة تحت ذريعة حاجتهم المعيشية لأنهم يدّعون ذلك وتحركهم أيادي سوداء بهدف خلق بلبلة لا طائل منها، كلنا نشعر بجوع الناس وبحاجاتهم المعيشية ولذلك قامت كل الفعاليات من أحزاب وبلديات بالإضافة لجهود الدولة بالعمل على تأمين ما يلزم الناس لكي تمر الفترة العصيبة من هذا الشهر بدون أية مضاعفات، فهذه الفترة هي ذروة تفشي الكورونا، ومن ينزل إلى المظاهرات الفارغة ويقطع الطرقات هو انسان غير مسؤول ويجب أن يلقى أشد العقوبات، وكل من تسول له نفسه تعريض حياة الناس للخطر بسبب فلتانه إنما يجب أن تنزل عقوبته على سجله العدلي وأن تحوّل الى جناية لمخالفته أنظمة الدولة كي يتعلم الدرس.
النداء هو لوزيرة الدفاع ووزير الداخلية والحكومة مجتمعة بعزل كل شارع أو منطقة أو مدينة أو قرية يثبت أنها لا تلتزم القانون ولا تحترم التعبئة العامة، فلا يمكن لمن يلتزم القانون أن يتحمل عواقب من لا يلتزمه،فلا مجال للرحمة لمن يعرض حياة الآخرين للخطر.
وهنا وفي سياق هذا المشهد الوطني، لا بد لنا من توجيه النداء لدولة الرئيس نبيه بري لسؤاله عن مصير أولاده الذين هم مرميون في سجون مكتظة، نسأله عن العفو العام، العفو الذي عدل عنه أيام الثورة لاعتبارات معينة، نسأله ألا يستحق من في السجون لعطف من دولته في أسوأ ظروف، فالمظلوم يستحق العدالة والظالم يستحق فرصة ثانية كي تتجدد انسانيته ولكن بشرط العقاب الشديد إن كرر الخطأ، ألا يستحق ذلك جلسة استثنائية بأية وسيلة الكترونية متاحة لكي يلتئم المجلس النيابي ويقوم بالتصرف الصائب في لحظة داهمة على الوطن، فإخلاءات السبيل الفردية لا تجدي نفعاً ولا تقوم بما ينتظره الأهالي الذين يريدون حدثاً يثلج صدورهم،فالقرار الوطني الجريء يجب أن يأتي عبرك.
وفي النهاية، على أمل أن لا ينتهي هذا العرس الوطني الرافع للعزيمة في زمن ظالم، علينا أن نتساءل، من هم حكام لبنان الفعليين، محمد الحوت الذي يجاهر بوقاحة أن الدولة اللبنانية لا تملك حتى ولو قشة في شركة الميدل ايست للطيران أو رياض سلامة حاكم مصرف لبنان، مصرف لبنان الذي يملك حصة الأسد من أسهم الميدل إيست، فمن يملك مصرف لبنان يا ترى ومن يملك الميدل إيست، كفاكم تبجح واستكبار للوطن والمواطن، وسنختم بالقول، إن استمريتم بعنجهيتكم الرعناء هذه تجاه لبنان واللبنانيين، أنتم الذين كنتم عنواناً للهدر والرواتب الخيالية، فإلى السجن وبئس المصير.

 

ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى