بين لحظة الحسم والخيارات الدراماتيكية
قد تشكل صيغة بعبدا مخرجاً للوزير جبران باسيل من ناحيتين: الأولى لجهة تأكيد معادلته التي شهرها أمام رئيس حكومة تصريف الاعمال والقائمة على “إما أن نكون معا داخل السلطة او نكون معا خارجها”. والثانية أنها لا تتضمن وزراء نواب.
يتوقع البعض أنّ لا حجة للحراك الشعبي للاعتراض على تشكيلة كهذه ما دامت لن تتضمن وجوها وزارية استفزازية والتمثيل السياسي فيها لن يكون نافراً، لكن الملفت في مقابل أجواء قصربعبدا، بحسب اوساط مطلعة لـ”لبنان24″، أن الثنائي الشيعي لم يقطع الامل من الحريري لغاية اللحظة ولا يزال يعتبر أن فرص التفاهم لم تنقض بعد وان تضاءلت فرصها؛ علماً أن مصادر بيت الوسط أكدت اليوم لـ”مستقبل ويب” ان الشيخ سعد يرفض ان يكون على رأس حكومة تستنسخ الحكومة المستقيلة مع بعض التجميل. وتلفت المعلومات إلى أن كل ما يشاع حول أن الحريري ابلغ الحاج حسين الخليل ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل السبت باعتذاره عن التكليف غير دقيق فهو أبلغ الخليلين بتمسكه بحكومة اختصاصيين فقط، وهو لم يُكلف ليعتذر عن اي شيء، ولن يسير بحكومة تغيب المتغيرات السياسية التي حصلت.
بالتوازي، فإنّ الرسالة الأبرز والأعمق في الأيام الماضية تمثلت بكلمة الامين العام للحزب في يوم الشهيد، والتي حملت في طياتها ما يشبه تمهيد الطريق لخيارات دراماتيكية لا تقتصر فقط على مجرد التغيير في مسار التكليف الحكومي في وجه تشدد الرئيس الحريري برأيه مدعوماً بموقف (أميركي) يصر على أضعاف الحزب وإقصائه، بل أيضاً تذهب باتجاه التلويح بخيارات جيو استراتيجية جديدة، من شأنها أن تغير في موقع لبنان الاقتصادي والسياسي من ناحية التحالفات والعلاقات والدور، فهو لوح بالذهاب شرقاً نحو الصين التي تبدي شركاتها كل الاستعداد للاستثمار في لبنان، وذلك في حال قررت واشنطن الدفع بلبنان نحو الانهيار. فالحزب يظن أنّ قلّة الاكتراث الأميركي بالازمة الاقتصادية والمالية في لبنان ربما يعكس غلبة اتجاه لدى الإدارة أولويته الضغط على الساحة اللبنانية في وجه العهد والحزب مهما كانت النتائج.
لقد بدت ليلة الحوار الصحافي الذي أجراه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء الثلاثاء شديدة الخطورة، إذ أنّ قوى حزبية مناوئة للعهد القت بثقلها في الشارع في ما بدا وكأنه قرارمحضر مسبقا، تقول الاوساط نفسها وهو يدفع بمسار الحراك الشعبي في اتجاهات سياسية خطرة غيبت البعد المطلبي واضعفت بريقه؛ وقبلها لايقل خطورة وتمثل بتعطيل جلسة المجلس النيابي في ظل عجز الجيش والقوى الامنية عن تأمين الطرقات للنواب للوصول الى البرلمان لإقرار تشريعات هي في الأصل مطلب الثوار الحقيقيين؛ مع الاشارة الى ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أعاد تاكيد الدعوة الى الجلسة بجدول الاعمال نفسه يوم الثلاثاء المقبل مهما استدعت مستلزمات ذلك، في ظل أجواء مصادر سياسية تنظر، بخطورة شديدة الى محاولة البعض تعطيل المجلس.