إسرائيل تتوقع تسوية حول إدلب..ومعركة مع إيران

المدن 

رأى المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية رون بن يشاي، أنه مع اقتراب الحرب في سوريا من نهايتها – لاسيما المعركة الحاسمة في إدلب فيالشمال السوري- فإن الإيرانيين قد فهموا بضغط من الروس ومن نظام الرئيس السوري بشار الأسد أن الميليشيات الشيعية التي جاؤوا بها إلى سوريا من العراق وأفغانستان وباكستان غير مرغوب فيها هناك.

لا يريد النظام في دمشق عناصر أجنبية في سوريا؛ ذلك أنها ستجر إسرائيل إلى شن هجمات في داخل الأراضي السورية، تحديداً في الوقت الذي “بدأ النظام بإعادة إعمار الدولة”، بحسب بن يشاي. كما أن الروس أيضاً لا يرغبون في هذا الوجود، لذا من المعقول الافتراض أن الإيرانيين، وبالأساس قائد فيلق “قدس” قاسم سليماني، سيقومون بتغيير استراتيجي.

ويعتقد المحلل العسكري الإسرائيلي أن جوهر التغيير في الاستراتيجية الإيرانية هو: بدلاً من وجود عسكري كامل – يشمل عناصر ميليشيات شيعية والحرس الثوري على الأرض بالقرب من الحدود مع إسرائيل – يتم التمركز بواسطة منظومات سلاح ومنظومات استخبارات متطورة وجديدة من إنتاج إيراني تُقدم لسوريا وتسمح بالمواجهة مع إسرائيل لكن، ليس من خلال صدام بري مباشر على الحدود، بل بواسطة صواريخ بالستية وقذائف صاروخية دقيقة بصفة خاصة، ومنظومات دفاع جوي.

كل هذا سيحد من قدرة العمل والقدرة العملانية لسلاح الجو الإسرائيلي على التحرك في أجواء لبنان وسوريا، وفق بن يشاي. ويؤكد أنه من الضرورة بمكان “أن نضيف إلى ذلك أيضاً منشآت استخباراتية تتابع عن قرب ما يجري في إسرائيل”.

هكذا، يأمل قاسم سليماني بأن يُطمئن الأسد والروس الذين يعارضون وجود قوات برية شيعية تعمل بإمرة إيران على أراضٍ سورية. لذا ليس من المستبعد أن يبدأ سليماني في وقت قريب بتنفيذ تمركز نوعي مع سلاح نوعي بدلاً من تمركز في أماكن عسكرية عادية برية، واستخباراتية وجوية في إمكان إسرائيل أن تعمل ضدها بسهولة.

هكذا تبدو اليوم الاستعدادات الجديدة قبيل انتهاء الحرب في سوريا، وبينما يقود الروس التسوية السياسية، فهم الأميركيون على ما يبدو مدى أهمية وجودهم في سوريا، ولذا هم لا ينوون مغادرتها بسرعة بخلاف ما أعلنه الرئيس دونالد ترامب قبل أشهر. الإيرانيون سيبقون في سوريا، لكن في شكل جديد، وإسرائيل تتابع ما يجري عن قرب، وإذا تبين لها أن أسلوب التمركز الإيراني الجديد يشكل خطراً عليها فإنها لن تتردد في التحرك. وفي ما يتعلق بالروس، ما تزال إسرائيل تتعامل معهم باحترام، كجارٍ يجب أخذه في الحسبان، لكن ليس هناك في تل أبيب من يعتقد “أن بوتين سيطرد الإيرانيين من سوريا من أجلنا، وعلى ما يبدو سنضطر إلى أن نفعل ذلك بأنفسنا”.

ويضيف بن يشاي “أن انتصار الأسد وأسياده الروس والإيرانيين في الحرب الدموية مضمون. بقيت فقط محافظة إدلب التي يتمركز فيها عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المسلحين المعارضين، وهم في أغلبيتهم جهاديون سُنة متعصّبون من عناصر القاعدة وداعش، أجانب وسوريون على حد سواء، وهناك أيضاً تنظيمات أُخرى استسملت ووافقت على الانتقال إلى إدلب في إطار تسويات في مناطق أُخرى سيطر عليها النظام”.

ويقول بن يشاي، إن “التقدير كان أن إدلب ستشهد ما تسمى المعركة الأخيرة – ستالينغراد التي سيخوضها المعارضون السُنة ضد نظام بشار الأسد العلوي- لكن يبدو الآن أن المعركة التي كان يجب أن تكون أكثر المعارك شراسة وفتكاً في السنوات السبع للحرب، لن تكون رهيبة إلى هذا الحد”.

ويرى بن يشاي أن الروس، وأيضاً الأتراك، الذين يتواجدون على حدود محافظة إدلب، يعملون على “تسوية”. ويجري الحديث، عملياً، عن استسلام المسلحين وسيطرة جيش بشار الأسد من دون مقاومة على المحافظة التي يتمركز فيها المسلحون السُنة الذين نجحوا في النجاة من المناطق التي سبق أن احتلها الأسد.

من المحتمل جداً أن يضطر الروس إلى قصف بعض البلدات والقرى وتدميرها من أساسها كما فعلوا في محافظات أُخرى في سوريا، وبذلك سمحوا لجيش النظام بالسيطرة عليها، وآخر محافظة كانت محافظة درعا الواقعة جنوب غرب سوريا والقريبة من الحدود مع إسرائيل. من المحتمل هنا وهناك أن تضطر الميليشيات الشيعية التي جلبها الإيرانيون إلى التدخل والاحتلال، من خلال القيام بهجمات برية على بعض الأماكن قبل أن تقرر المعارضة، على الأقل جزء منها، إلقاء سلاحها. لكن في نهاية الأمر سيكون هناك تسوية، استسلام بواسطة ورعاية الروس والأتراك، يتابع بن يشاي.

ومع ذلك، يتخوف جنرالات بوتين من معركة إدلب. هم يتخوفون من أن يستخدم الأسد مرة أُخرى سلاحاً كيماوياً لإخضاع المسلحين الذين سيُظهرون مقاومة شرسة، ومن دخول الجيش السوري إلى المنطقة وارتكابه مجزرة كبيرة- انتقاماً- في عدد من البلدات التي تحصن فيها مسلحو المعارضة. حينئذ ستوجَّه إليهم الاتهامات من جانب الرأي العام العالمي والأمم المتحدة. هذا ما جرى عندما قاتل بشار الأسد بمساعدة الروس لاستعادة الغوطة وبلدة دوما في ضواحي دمشق.

لهذا الغرض، استقدم الروس أسطولاً كبيراً من السفن الحربية، شمل غواصات، إلى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وهذه أكبر استعدادات للأسطول الروسي بالقرب من شواطىء سورية منذ بدء التدخل الروسي قبل 3 سنوات. وبحسب الصحيفة الروسية “أزفستيا” تشمل الاستعدادت الروسية في مقابل شواطىء سوريا 10 سفن وغواصتين، معظمها مزود بصواريخ بحرية. وبحسب الصحيفة توجد سفن أُخرى في طريقها إلى هناك.

بالإضافة إلى هذه المخاوف، يتخوف الروس، وخصوصاً الأتراك، من أنه إذا بدأت معارك عنيفة في إدلب وإذا حدث قصف شديد واستخدم سلاح كيماوي، فإنه ستحدث عمليات فرار جماعي لمئات آلاف اللاجئين، وخصوصاً إلى تركيا، وأيضاً إلى أجزاء أُخرى من سوريا، وهم يريدون منع حدوث ذلك، لأن تركيا غير قادرة على أن تواجه اقتصادياً المزيد من اللاجئين وهي سترسلهم إلى أوروبا. واللاجئون من إدلب الذين سيفرّون إلى مناطق أُخرى في سوريا يمكن أن يشنوا حملات انتقام دموية، لذا للروس مصلحة واضحة في التوصل إلى تسوية. وأيضاً للمعارضة السُنية مصلحة مشابهة لأنهم فهموا أنهم خسروا الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى