تعيينات تلفزيون لبنان “ تُفجِّر ” مجلس الوزراء؟!

سرَّع النائب السّابق وليد جنبلاط عبر تغريدةٍ من خارج السّياق، الى فتحِ سجالٍ كان يتوقّع حدوثه في الأيّام القليلة المقبلة مع اقترابِ موعدِ إقرار التعيينات المؤجَّلة في رئاسة مجلس إدارة تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية للاعلام، وذلك بتعليقٍ ساخرٍ منه عن “الاتجاه لتعييناتٍ نوعيّةٍ في “الوكالة” لتُصبح مثل “سانا”، معتبرًا، “أنّها سياسة تلازم المسارات أو المسارَيْن بالأحرى. ويتحدَّثون عن الاصلاح!”.

تغريدة جنبلاط، استدعت تعليقًا من وزير الاعلام السّابق ملحم الرياشي الغارق في صمتهِ هذه الايّام والذي يتجنَّب الانزلاق نحو أيّ ردِّ فعلٍ في ظلّ المعاركِ المفتوحةِ بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانيّة قائلًا، “عزيزي وليد بيك وتلفزيون لبنان من شو بيشكي بالإصلاح؟ ولتعزيز المسار والمسمار نتشبَّه بوادي المسك مع غوار!”.

لم يكن الرياشي يقصد في تعليقهِ سوى الاشارة المباشرة الى تعييناتٍ سيشهدها مجلس الوزراء هذا الاسبوع ومنها تعيين الاعلامية ومقدّمة البرامج في قناة “أو تي في” داليا داغر رئيسة مجلس إدارة تلفزيون لبنان بتزكية مباشرة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، مع توقعِ صدورِ مرسومٍ بتعيين زياد حرفوش المُقرَّب من باسيل ونجلِ أحدِ الضباط المُقرَّبين من عون مديرًا للوكالة الوطنية للإعلام بعد ترقيته الى الفئة الثانية، ما يعني أنّ توافقًا سياسيًّا قد حصَلَ بين باسيل ورئيس الحكومة سعد الحريري على هذا التعيين من ضمن سلّة أوسع تشمل المواقع الإداريّة والأمنيّة. وسيترافَق تعيين رئيس مجلس ادارة تلفزيون لبنان مع تعيين ستّة أعضاء في مجلس الادارة وفق كوتا طائفيّة ومُحاصَصة سياسيّة متوافق عليها منذ فترةٍ.

وفيما لا يجد تعيين حرفوش مديرًا للوكالة الوطنية، اعتراضات واسعة حتى من جانب “القوات اللبنانية” مع تسليم معراب وقوى سياسيّة عدّة بكفاءة المديرة الحالية لور سليمان، إلّا أنّ تعيين داغر يلقى معارضة قوية جدًا من “القوات” وصلت الى حدِّ المجاهرة بـ “سقوطها” في امتحانِ الآلية الذي أشرفت عليه خلال ولاية الرياشي في وزارة الاعلام وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية عناية عز الدين ورئيسة مجلس الخدمة المدنية فاطمة الصايغ.

وتؤكِّد أوساط وزارة الاعلام، “أنّه عام 2017 تقدَّم 138 مرشحًا لموقع مدير عام تلفزيون لبنان، اختارت اللجنة المؤلفة من الرياشي وعناية عز الدين وفاطمة الصايغ ملفات 8 مرشّحين على أساسِ معدّل 65/100، وقد تمّ اختيار الملفات مع حجبِ الاسماء. وبعد التداول بين أعضاء اللجنة تمّ تخفيض المعدّل الى 60/100 لإتاحةِ الفرصةِ أمام وصولِ عددٍ أكبر من المرشّحين لاختيارِ واحدٍ منهم فنجح 17 مرشحًا لم تكن داغر من ضمنهم”.

وأدَّى دخول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من كندا على خط التعيينات والآلية التي رفض فريق العهد السّير بها وتأكيده عدم نجاح داغر في امتحانِ الآلية الى ردودٍ عاليةِ السقفِ من النائب زياد أسود، معتبرًا، أنّه “لا يوجد شيء اسمه آلية في القانون ولا قرار حكوميًّا في اعتمادهِ ومزاج وزيرٍ لا يشكِّل آلية”، قاصدًا الرياشي.

وقال أسود، “أيّ من المرشحين لم يخضع لما تسمّيه امتحان لانه غير موجودٍ إلّا في تصريحكم، فإمّا الوزير كذَّب عليكم أو أنّكم تتعمَّدون تمرير معلوماتٍ خاطئةٍ وفي الحالتَيْن، هي مسألة 5 مليون دولار اختفت”، قاصدًا هنا، كلفة تأمين نقل المونديال العام الماضي.

وفي اتهامٍ مباشرٍ للرياشي من دون تسميَته، أضاف، أنّ “وقف ملف التعيينات أدّى بوزيرٍ إلى شراءِ شقةٍ ومكتبٍ من أموالٍ ضائعةٍ في مؤسسةٍ إعلاميّةٍ، أما في الوكالة، فخسرتم منصّة شائعات تسمِّم فيها مديرتها أجواء البلاد والعباد”، في تصويبٍ مباشرٍ على لور سليمان التي حاول التيار منذ انتخابِ عون رئيسًا، تطييرها من موقعها وتعيين حرفوش مكانها، لكن الفيتو القواتي كان حاضرًا، إضافة الى صعوبةِ التوافق على سلّة التعيينات يومها.

وأكَّد أسود، “أنّ داغر لم تخضع لأيّ امتحانٍ، ولم تُقابل أحدًا ولم يُطلَب منها أيّ ورقةٍ أو صورةٍ عن شهادتها، كما تسوِّقون عن خطأ أو تجني مفضوح”.

وتوسَّعت حلقة الردودِ لتشمل مسؤول جهاز الاعلام والتواصل في “القوات” شارل جبور، ومن ثم وزير الاعلام جمال الجراح الذي نفى تهمة قبض الرياشي 5 مليون دولار،إذ أكَّد أنّ مجلس الوزراء شكَّل في حينهِ لجنة للتفاوضِ مع شركة “Bein Sport” والبحث في تكلفةِ النقلِ. وبعد مفاوضات مضنية، وصلت التكلفة إلى 12 مليون دولار، ما استدعى تدخّل الرئيس سعد الحريري مع الدولة القطرية حتى تمّ تخفيض المبلغ إلى 10 ملايين دولار”!.

وترى أوساط “القوات”، أنّ “خيارَ” باسيل لشغلِ موقعِ رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان “كارثيٌ”، وهو يشبهُ مقياس الكفاءة “المشكوك بأمرها” في عدّةِ مواقعٍ لزَّم التيار الوطني الحر لنفسه صلاحية اختيار أزلامه فيها.

وتضيف الاوساط، “نحن نعلم أنّ كلّ عهدٍ يأتي بعدّة شغله، لكن أقلَّه يجب أن تكون العدّة نظيفة وكفوءة خصوصًا، أنّ التعيين حين يكون على هذا المستوى تتمّ إدارة شاغل الموقع عبر الهاتفِ والواتساب”، وبالتالي لا يجوز إدّعاء الاصلاح والتغيير، مع العلم، أننا نرصد تعيينات يستفيد منها بشكلٍ مباشرٍ بعض المقرَّبين من وزراءِ ونوّابِ وقياداتِ “التيار”.

في المقابل، تجزم مصادر “الوطني الحر”، أنّ الورشة التي بدأت بعد تشكيل الحكومة الحالية شهدت تعيينات من جانبِ رئاسة الجمهورية و”التيار” لا غبار عليها والتعيينات القضائيّة الاخيرة خيرُ مثالٍ على ذلك، وما سيلي من أسماءٍ إن في الادارة أو الوزارات أو الأمن سيدلّ على أنّ الاختيارَ يتمّ على أساس الكفاءة فقط مع التسليم، بأنّ أيّ عهدٍ يأتي يحاول أن يثبِّت وجود موظفين في الادارات على مثالهِ وهذا ما يحاول الرئيس ميشال عون فعله”.

يُذكَر، أنّ الرئيس عون وفي موقفٍ سابقٍ له، اعتبر، أنّ “الآلية وضعت في ظرفٍ مُحدَّدٍ، واذا ارادوا التزامها فلتتحوَّل الى قانونٍ، وعندها بيمشي الحال”. لكنّ من الواضح، أنّ الحال “لن يمشي” لأنّ التوجّه العام ضمن مجلس الوزراء، بما في ذلك “حزب الله” الذي سبق له أن دافعَ عن الالية السّابقة التي حاول الرياشي تطبيقها، هو الاستمرارُ في إجراءِ توافقاتٍ “فوقيّة” تحوِّل مجلس الوزراء الى مجرّدِ “باصمٍ” على ما يتمّ “طبخه” في الغرفِ المغلقةِ.

“ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!