أطبّاءُ الأسنان يأكلون الحُصرمَ والمرضى يضرسون…!

صدى وادي التيم – لبنانيات/

 إنّ أزمتَنا لمْ تعُد تحملُ في طياتِها نبرةَ تلكَ الخطابات الرّوتينيّة التي يتداولها الكلّ، مِن غلاء المعيشة، واستفحال ظاهرة البطالة، واستشراء الرّشوة في مجتمعنا، ولا أزمةَ ركودٍ اقتصاديٍّ أو عجزٍ أو تضخُّم أو أزمةٍ سياسيّةٍ بين الأحزاب أو التّيّارات الفكريّة، بل تخطّت كلَّ هذا، لتسمّى أزمة ضميرٍ مُزمنة وخانقة… هذه الأزمة تفرّعَت عنها كلُّ الأزمات والمصائب الأخرى التي باتت سلوكيّاتٍ ومظاهرَ مجتمعيّةً مألوفةً.

    
لم ينجُ قطاعٌ من تداعيات الأزمة الماليّة والاقتصاديّة التي أصابت البلاد، ويبدو أنّ آثارها على قطاع طبِّ الأسنان بدأت تتّضح، حيثُ بدأ عددٌ من أطبّاء الأسنان، يفكّرون جدّيًا باتّخاذ قرار مؤلم بوقف العمل، وإقفال عياداتهم، في ظلّ هذا الارتفاع الكبير في سعر صرف الدّولار، واضطرارهم إلى شِراء المستلزمات الطبيّة للأسنان بسِعر السّوق السّوداء، مع ما يترتَّب على ذلك من ارتفاعٍ في التّكلفة على المريض بشكلٍ يصعُب تحمّله.
 

مِن المؤكد أنّ الأزمة فعليّةٌ؛ لأنّ معظمَ المستلزمات والموادِّ الطبيّة مستوردةٌ، ومن الطّبيعيِّ أن تزيدَ الكلفة على المُواطن بغضِّ النظر عن الأتعاب التي يتقاضاها الطّبيب. في هذا الصّدد، تحدّث موقعُ الأفضل نيوز مع طبيب الأسنان حسام سعيد الذي قال: “إنّ الخدمات الطبيّةَ المختصّة بالأسنان، تأثّرت كثيرًا في بِداية الأزمة، فحين ارتفع سعر الدّولار، انخفضت أسعار المواد والأدوات المستخدَمة في طبّ الأسنان إلى أقلَّ من النّصف (بالدّولار)، ونتيجةً لارتفاع سِعر الدّولار مقابل العملة اللّبنانيّة، قلَّت أعداد المَرضى الذين يرتادون عِيادات الأسنان”. 

وتابَع سعيد: “بعد فترةٍ قصيرةٍ عاوَدت أسعار الموادّ والأدوات الطبيّة إلى الارتفاع، واعتادَ النّاسُ على ارتفاع سعر الصّرف، وزاد الإقبال على عيادات طبّ الأسنان وكأنّنا لسنا في أزمةٍ ماليّة، ليبقى المُواطن الفقير عاجزًا عن الحصول على الخدمات الطبيّة”. 

اشتدّت الأزمةُ على أطبّاء الأسنان، وبالتّالي على المُواطن الذي يتحمّل العبءَ الأكبر. فهذا الارتفاع الكبير في الأسعار، قد يمنعه عن التّوجه إلى عيادة طبّ الأسنان، مهما كانت الحالةُ ملحّةً لذلك. في هذا السّياق، تقول السيّدة جنى لموقعنا: “إنّني أُعاني منذ فترةٍ طويلةٍ من ألمٍ في أسناني وصعوبة في المضغ، لكن أجّلتُ علاج أسناني وأضراسي حتى تتحسّنَ أحوالنا الماديّة”.

وأضافت: “الأولويّةُ اليوم هي لتأمين الطعام والشّراب وسُبل عيش العائلة. زوجي سائق باص، فكيف أستطيعُ أن أفكّر في عِلاج أسناني، ومِن أين سندفع التّكاليف؟!”.

على الرغم من كونِ أمراض الأسنان مِن أكثر الأمراض التي تستدعي التّدخّل الطّبي، إلّا أنّ الكثيرين يتغاضون عن ذلك، ويحاولون التّحايل على أنفسِهم باستعمال الطُّرق البدائيّة في تخفيف حدّة الآلام.

 
قالت لموقعنا السيّدة رُبى (سكرتيرة طبيب أسنان): “إنّ العددَ الأكبرَ من المواطنين غيرُ قادرين على تغطية تكاليف علاج أسنانهم؛ الأمرُ الذي يَدفعهم للاستدانة، لا سيّما أنّ الكثير مِنهم تخلّوا عن متابعة العلاج نظرًا لعدم قدرتهم على تسديد أقساطه”.

في صراعِ البقاء لم يبقَ للمواطن إلّا الخَّيار الأقلُّ سوءًا… فالمجتمعُ كلّه، يحتاجُ إلى الخروج مِن غرفة الإنعاش؛ ليَعيَ ما ينتظره مِن أخطارٍ، ووضع الضّوابط والآليّات لمحاصرة كلّ أشكال الإهمال، حتّى يتوقفَ هذا النّزيف

المصدر: أماني النّجار _ خاصّ الأفضل نيوز 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى