هدايا إسرائيلية مجانية رفضتها المقاومة… واختارت هي الزمان والمكان !!

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

لم يَبعُد ردّ حزب الله على الاعتداء الاسرائيلي أكثر من إسبوعٍ. كعادته، وعدَ السّيد حسن نصرالله وفعلَ، وهذه المرّة جاءت الفعلة في أرضٍ لبنانيّة – فلسطينيّة احتُلَّت عام 1948.

من الطبيعي، أنّ المقاومة تعاملت على مدى أسبوعٍ كاملٍ مع الاحتلال الإسرائيلي بروحيّة قتاليّة. وقبل حتى دخولها زمن الردّ بالنار استطاعت تسجيل نقاطٍ مكَّنتْها من كشفِ عدوّها وجعله تحت رحمتها.

وبينما نعِمَ سكان الجنوب بالأمان، اندفعَ الإحتلال صوب اخلاء المستعمرات القريبة من الحدود وإجبار سكانها على المبيت في المناطق الداخلية، قبل تعميم أوامرٍ صارمةٍ على جنوده بعدم الاقتراب من الحدود مسافة تتراوح بين 4 إلى 5 كلم مع منع تحليق الطائرات مسافة 7 كلم.

هذا كلّه، يعني أنّ الاحتلال وفي “لعبة الانتظار” لقيَ هزيمة ومكَّن المقاومة من تحقيق أهداف الردّ قبل أن تقبض على الزناد.

بالنسبة إلى ما سُجِّل على أرضِ الواقعِ، فإنّ ردَّ المقاومة أمس الأحد، أتى خلافًا لما هو سائدٌ وكان على وزنِ تعديل قواعد الاشتباك التي تعمَّدَ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو التلاعُب بها بقصد تعديلها بالنّار. لذا كان لزاماً على المقاومة اعادة ترميم قوّة الردع لديها بما يضمَن عدم معاودة الكرِّة مرّة أخرى.

حيث أنّه منذ عام 2006، لم تقُم المقاومة بأيّ عملٍ عسكريٍّ تجاه الأراضي المحتلّة المُسمّاة اسرائيل، وكانت حين بلوغ اعتداءات هذه الاخيرة، تقوم بالردّ ضمن نطاق مزارع شبعا على اعتبار أنّها اراضٍ لبنانيّة محتلّة ولا بدّ من القيام بالواجب كي لا يسقط حقّها من البال.

من جانبٍ آخر، بدا أنّ اسرائيل “بلعَت” ردّ المقاومة، بدليل “خفّة” ردّها، حيث لجأت إلى الاعتماد على وابلٍ مؤلف من 40 قذيفة عنقودية وفسفورية، رُمِيَتْ بشكلٍ متقطعٍ على مناطقٍ خاليةٍ أو حرشيةٍ تقع على تخوم بلدة مارون الراس.

على المقلب الآخر، سارع نتنياهو الذي كان يجتمع بـ”الكابينت”، إلى هضمِ ما جرى عند حدوده الشمالية تحت عبارة “سنقوم بتقييم التطوّرات”.

وطوال ساعات من عمرٍ المواجهة التي بدأها حزب الله، اتضح، أنّ العدو يعيش تحت جناح الارباك وتبدو الصدمة ظاهرة عليه، في ظل تسجيل المقاومة علامات على لائحة تبديل قواعد الاشتباك ومنها:

– تنفيذها لعملية في منطقة تُعتَبر محصَّنة إسرائيليًّا وخلال سريان مفعول التأهّب والحذر.

– العمليّة نُفِّذَت في مستعمرة “أفيفيم” التي تُعتَبر إسرائيليًّا بمثابة أراضٍ تتبع للكيان، أيّ تتبع له إداريًا، مع الإشارة، إلى أنّ مستعمرة أفيفيم اقيمت على اراضي بلدة “صلحة” اللبنانيّة التي احتلَّت عام 1948 وهي إحدى القرى السبع المحتلة. وهذا التطوّر هو نوعيٌّ بالنسبة إلى المقاومة التي نقلت نشاطها إلى أراضٍ لبنانيّة لطالما لمَّحت الى كونها محتلة.

– العمليّة أخذت الطابع الهجومي. وفي ما يبدو، أنّ عناصر المقاومة تسلّلوا إلى مقرُبة من موقعٍ عسكريٍّ إسرائيليٍّ بعد اجتياز الحدود وضربوا بصاروخٍ مضادٍ للدروع موكبًا اسرائيليًا يضمّ آليات عدّة، استهدف منها آلية طراز wolf بشكلٍ مباشر. وبحسب بيانات المقاومة، هي عبارة عن سيارة نقل بـ 8 مقاعد.

لكنّ التطوّر الأهمّ، يبقى أنّ المقاومة ربطت ردّها في “أفيفيم” بالاعتداء الاسرائيلي في سوريا الذي أدّى إلى استشهاد مقاومين إثنين تبنَّت مجموعة تحمل اسميهما العملية، ما يدلّ على منطق “الردّ على القطعة” الذي سبَق لـ”ليبانون ديبايت”، أن أشار إليه في معرضِ مقالٍ سابقٍ.

ما يعنيه ذلك، أنّ هناك ردًّا للمقاومة ما زال في ذمّة الاحتلال بإختراق “أمن الضاحية” بمُسيّرتين.

التصرّف الاسرائيلي خلال تفعيل ردّ المقاومة، لم يختلف كثيراً عن تعامله مع التحضيرات للرد وانكبابه على محاولة خداع المقاومة كي يأتي الردّ وفق أجندته وما يشتهيه.

وفي المعلومات الميدانيّة المتوفّرة لـ”ليبانون ديبايت”، تعمَّد الاسرائيلي خلال أسبوعٍ كاملٍ مضى على عدوانه، على محاولة غش المقاومة بأهدافٍ “وهمية” عمِل هو على انتقائها وتحديدها ومحاولة فرضها على المقاومة.

وخلال الأسبوع الماضي، تعمَّدَ وضع جيب من نوع “سوفا 3” أجلس فيه دمية تعود لجندي اسرائيلي على مدخل موقع المطلة المقابل لبلدة كفركلا، بقصد تمرير “هدف” للمقاومة، التي تثبت لاحقاً من الخدعة الإسرائيلية فلم تنطلِ.

أما في مزارع شبعا، فتعمَّد الإسرائيلي تكرار الأسلوب نفسه. حيث أنّه خلال بداية الأسبوع الماضي، حاول مراراً الإيحاء للمقاومة بوجود آليات عسكرية تتحرَّك من ناحية مزرعة بسطرة المحتلة، وفي باله تأمين “هدف مجاني” للمقاومة، التي رفضت التعامل معه فإضطرَ الى استخدام سلاح القذائف الحارقة التي بدأ بإطلاقها منذ يوم الجمعة متسبِّبًا باندلاع حرائق.

لكنّ هدايا الاسرائيلي لم تنتهِ هنا، فيوم السبت الماضي، عمد إلى تحريك سيارة “جيب” عسكرية مقابل موقع العباسية في مزارع شبعا ذهابًا وايابًا، وكان واضحًا، أنّه يحاول توفير “هدف” للمقاومة لكي تقضي فيها حاجتها للردّ، وطوال ساعات من تحريك تلك الالية، تعاملت المقاومة معها بمنطق التجاهل الكلي.

وبدا من خلال الوقائع التي سجَّلها الميدان، أنّ الإسرائيلي تعامل مع مزارع شبعا كمنطقة عمليات وحيدة للمقاومة.

وعلى ما يبدو أنّ تفكيره في هذا الاتجاه، أثّر على جهوزيته على محاور اخرى ما مكَّن المقاومة من اختراق عمقه الأمني والقيام باستهداف عمق الحزام الأمني الذي رسمه على طول 4 إلى 5 كلم من الحدود، لتُسجِّل المقاومة سابقةٍ في المواجهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!