ناجحو “الخدمة المدنية” إلى الشارع: التضامن الكلامي لا يكفي
وكما بات معلومًا السبب وراء عدم توقيع المراسيم هو ادّعاء عدم التوازن الطائفي بين الناجحين، رغم أنّ هذه الذريعة ينقضها الدستور نفسه في المادة 95 منه، التي تنصّ على التوازن الطائفي يراعى في وظائف الفئة الأولى فقط ونصّها “تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الاولى فيها وفي ما يعادل الفئة الاولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة”.
النائب الدكتور بلال عبد الله تابع قضية هؤلاء الناجحين، وسيتضامن معهم في وقفتهم الإحتجاجية الأربعاء كما أكدّ في اتصال مع “لبنان 24“، موضحًا أنّه في جلسة الأسئلة والأجوبة الأخيرة وجّه سؤالأً إلى رئيس الحكومة سعد الحريري حول الموضوع، طالبًا من الحكومة تقديم مطالعة قانونية لتفسير عبارة “مقتضيات الوفاق الوطني” الوادرة في المادة 95 من الدستور “والتي يتسلّحون بها لتعليق المراسيم وتجميد حقوق الناجحين، من أجل حسم هذا الإجتهاد بشكل نهائي. وقد أجاب الحريري بأن لا مشكلة تقنية في تجميد هذه المراسيم، بل هناك مشكلة سياسية وأنّه يسعى لحلّها”.
وعن امكان فقداتهم لحقوقهم بوجود مهلة القانونية لإلتحاقهم بوظائفهم خلال 24 شهرًا من تاريخ إعلان النتائج، أوضح عبد الله أنّ في إحدى الجلسات التشريعية تمّ التأكيد عل حفظ حقّ الناجحين بعد تجاوز هذه المهل المعمول بها في مجلس الخدمة المدنية، وأنّ تمديد المهل جرى تدوينه في محضر الجلسة.
من هو المعرقل؟
على هذا السؤال يجيب أحد النواب “لا يوجد في الجمهورية اللبنانية من لا يعرف أنّ من يعطّل توقيع هذه المراسيم بحجة عدم التوازن الطائفي هو الوزير جبران باسيل، مخالفا النصوص القانونية التي لا تنصّ على التوازن الطائفي في وظائف الفئات الرابعة والخامسة كما هو الحال في هذه الوظائف”. ويذهب نائب سابق ينتمي إلى الطائفة المسيحية أبعد من ذلك فيقول “أنا مسيحي وأقول أنّ المسيحيين لا يُقبلون على الوظائف عبر مجلس الخدمة المدنية إلّا بأعداد ضيئلة، ونحن في لقاءاتنا نشجّعهم على ذلك ولكن دون جدوى، فما ذنب البقية؟ “.
عدد من النواب كان طالب مرارًا بإنصاف الناجحين، وفي هذا السياق قدّم النواب ياسين جابر قاسم هاشم وفؤاد مخزومي في السابع عشر من كانون الثاني اقتراح قانون ينصّ على تعيين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية فور صدور النتائج، دون الحاجة إلى مرسوم، على أن يطبق هذا القانون على جميع الناجحين الذين لم تصدر قرارات تعيينهم. ومن أسبابه الموجبة مراعاة مبدأ المساواة بين المواطنين، وعدم التمييز بينهم على أساس طائفي أو عنصري، كون المباراة هي التي تحدّد مستوى الاستحقاق والجدارة، وعدم تجاوز حدّ السلطة وطغيان أي سلطة على سلطة أخرى، فضلاً عن أنّ السلطة الاستنسابية ليست سلطة كيفية أو اعتباطية، وأن نهج اعتماد طرق استثنائية، من خلال قرارات استثنائية، يخالف الأسس والقواعد التي نصت عليها القوانين والأنظمة النافذة، ويشكل خرقاً للمبادئ القانونية والدستورية العامة.
النائب قاسم هاشم أوضح في حديث لـ “لبنان 24” أنّ الملّف لم يتقدّم خطوة واحدة، ولا زالت المراسيم مجّمدة للإعتبارات الطائفية نفسها، موضحًا أنّ اقتراحهم لم يُدرس في أيّ لجنة من اللجان النيابية، وأنّ تقديمهم للإقتراح بهدف الضغط لتوقيع مراسيم الناجحين، وذلك توضيحًا للمواقف التي اعتبرت أنّ الإقتراح يمسّ بصلاحيات رئاسة الجمهورية ويخالف الدستور، فالغاية منه الدفع باتجاه توقيع المراسيم وإن لم يُقر.
يذكر أنّ الناجحين هم من المتقدمين إلى وظائف تنتمي بمعظمها إلى الفئات الوظيفية الرابعة والخامسة، ومنها حراس الأحراج في وزارة الزراعة، المراقبون الجويون في مصلحة الطيران المدني، المحاسبون في الإدارات العامة، أمناء صندوق ومحاسبون في وزارة المال، مساعدون قضائيون، ناجحون في وزارة الاتصالات، أساتذة في التعليم الثانوي الرسمي، ناجحون في وزارة العمل، وناجحون في مصلحة مياه لبنان الشمالي، ويضاف إلى هؤلاء الناجحون في وظيفة مراقب في ملاك إدارة الجمارك في وزارة المالية وعددهم (123 ناجحاً) الذين صدرت نتائجهم في شباط الماضي ولم توقع مراسيمهم بعد!!
لجنة متابعة الناجحين زارات العديد من المسؤولين من دون أيّ نتيجة. أحد أعضاء اللجنة كشف لـ “لبنان 24” أنّ وفدّا من اللجنة سمع في إحدى مراجعاته من نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي أنّ “رئيس الجمهورية سيُبقي هذا الملف وسيلة ضغط نظرّا لعدم التساوي في أعداد المسلمين والمسيحيين، ولن يوقّع هذه المراسيم”، وهو أضاف أنّ “حقّنا لن يضيع” لكن من دون تحديد كيفية حفظ هذا الحق.
الناجحون نفذوا عدّة اعتصامات، استغربوا خلالها كيف يوظّف السياسيون المئات لا بل الآف في مؤسسات الدولة بطرق ملتوية، ويجمدّون حقّهم بوظائف لمراكز شاغرة اتبثوا أهليتهم لتوليها. ويعتبرون أنّ تجميد تعيينهم هو بمتابة تهجير لهم بحجج مخالفة للدستور.في وقت تُوضع علامات استفهام كبيرة حول جدوى هذه الإمتحانات وجدوى الكفاءة طالما ستنسفها الحسابات السياسية والمزايدات الطائفية.