حولا على خطّ الدفاع الأول… أثمان باهظة في الأرواح والممتلكات ولا تزال في مواجهة موقع العباّد الإسرائيلي

صدى وادي التيم – لبنانيات /

من الصعوبة بمكان الحديث عن بلدة حولا الحدودية، من دون الحديث وتسليط الضوء أولاً على المجزرة الإسرائيلية التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي المتمركز في موقع العباد العسكري بتاريخ 31 تشرين الأول من عام 1948، وذهب ضحيتها 69 شهيداً بينهم 4 نساء وفتيات من أبناء البلدة. ارتُكبت المجزرة بعد سلسلة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في العديد من القرى والبلدات الفلسطينية وأدت الى تهجير أبنائها وكان للجنوب حصّة من النازحين، ومن ذلك الوقت أُطلق مصطلح “نكبة فلسطين” ووعد بلفور المشؤوم، واستناداً الى روايات يتناقلها الأبناء عن الآباء في حولا، كما قال لـ”النهار” رئيس تعاونية حولا الزراعية النقابي موسى رزق “بعد انتقال مجموعة من المتطوعين في جيش الإنقاذ العربي من بلدة المالكية الى حولا، وانخراط عدد من شباب البلدة مع المتطوّعين، بدأت تحصل حوادث تبادل لإطلاق النار وعمليات كرّ وفرّ بين المتطوعين والجنود الإسرائيليين المتمركزين في موقع العباد، قُتل وأصيب خلالها عدد من الاسرائيليين، وليلة 31 تشرين الأول من عام 1948، تسللت قوة كبيرة من الجنود الإسرائيليين من موقع العباد الى حولا واعتقلت عدداً كبيراً من الأهالي واحتجزتهم داخل 3 منازل، ثم عمدت الى نسف وتفجير المنازل على رؤوسهم مما أدى الى مقتل 69 شخصاً غالبيتهم من الشباب وكان بينهم 4 نساء وفتيات، وفي صباح اليوم الثاني فوجئ أهالي البلدة بأن المتطوعين في جيش الإنقاذ العربي كانوا منسحبين وغير موجودين في حولا.

محميّة طبيعية تخليداً لذكرى شهداء المجزرة

وتخليداً لذكرى شهداء المجزرة الإسرائيلية، أقامت بلدية حولا محميّة طبيعية على جانب الطريق العام بين حولا وميس الجبل وغرست فيها 69 زيتونة تحمل كل واحدة منها اسم شهيد من الشهداء.

موقع العباد يتميّز بموقعه الاستراتيجي

يتميز موقع العباد العسكري الإسرائيلي بموقعه الجغرافي الاستراتيجي، فهو يقع على تل يرتفع عن سطح البحر 850 متراً، وعند ترسيم الحدود تبيّن أنه يقع بمحاذاة أراضي بلدة حولا، يشرف على معظم قرى المنطقة الحدودية وخصوصاً قرى وبلدات القطاعين الأوسط والشرقي، كما يشرف من جهة الشرق على الأراضي الفلسطينية المحتلة “إصبع الجليل” وأيضاً على الجولان وشمال الأردن، يتعرض الموقع منذ بداية الأحداث في الجنوب لعمليات قصف صاروخي من المقاومة، على الرغم من وجود نقطة لليونيفيل قرب الموقع الذي يُعدّ ثكنة عسكرية كبيرة تضمّ كل أنواع الأسلحة والدبابات والمصفحات ومنصّات التجسّس والمراقبة، ومن موقع العباد تتعرّض البلدة وقرى مجاورة لقصف مدفعي وأسلحة رشاشة ثقيلة، غالباً ما يكون ضحاياها من المدنيين الذين اختاروا البقاء وعدم النزوح ويراوح عددهم بين 700 شخص وألف شخص من أصل نحو 16 ألف نسمة مجموع عدد سكان البلدة إضافة الى عناصر “حزب الله”، علماً بأن عدداً كبيراً من الذين اضطروا إلى مغادرة البلدة قبل تحريرها استقروا في عدد من المناطق اللبنانية (صور وصيدا والنبطية وبيروت).

 

شهداء الحزب الشيوعي اللبناني

والكلام عن بلدة حولا لا يمكن أن يمر من دون الحديث عن دور الحزب الشيوعي اللبناني والحضور الفاعل لمنظمة الحزب في البلدة، وقافلة شهداء الحزب في كل المعارك التي خاضها على الساحة اللبنانية، وخصوصاً في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل منذ تأسيس الحزب قوات “الحرس الشعبي” أواخر الستينيات، وقافلة شهداء الحزب قاربت الـ50 شهيداً، أقام لهم الحزب الشيوعي نصباً تذكارياً يحمل أسماءهم، هذا فضلاً عن مئات الأسرى والمعتقلين في سجن الخيام وداخل المعتقلات الإسرائيلية وعمليات الإبعاد القسري التي طاولت عناصر وعائلات الحزب خصوصاً في فترة احتلال الشريط الحدودي منذ عام 1978 لغاية تحرير الجنوب في عام 2000، حيث طغى منذ ذلك الوقت أي منذ عام 2000 لغاية اليوم حضور فاعل لـ”حزب الله” وحركة أمل.

 

كل الطرق الى حولا عرضة للقصف ومحفوفة بالمخاطر

منذ فتح جبهة الجنوب إسناداً ودعماً لغزة، باتت كل الطرق المؤدية الى بلدة حولا محفوفة بالمخاطر وعرضة للقصف الاسرائيلي، هي محاطة ومجاورة لعدد من القرى والبلدات التي يستهدفها القصف الإسرائيلي من الجو والبر. مدخلها الشمالي من جهة مرجعيون عليك أن تجتاز للوصول إليها قرى كفركلا وعديسة ومركبا ومدخلها الجنوبي قرى عيترون وميس الجبل والطريق التي شقتها الحركة الوطنية اللبنانية من شقرا الى البلدة عبر وادي السلوقي أطلقت عليها عشرات الصواريخ الثقيلة من الطائرات الحربية الإسرائيلية، ويبقى الطريق الأقل خطراً يمرّ عبر عدد من قرى قضاء بنت جبيل وخصوصاً عبر بلدة مجدل سلم.

 

مراسم التشييع باتت فرصة سانحة لعودة الأهالي

وكما في سائر قرى وبلدات المنطقة الحدودية في الجنوب، كذلك في حولا، أصبحت مراسم تشييع المقاتلين أو الشهداء المدنيين فرصة سانحة ولو محدودة للعائلات والأهالي للعودة الى البلدة ومشاركتهم في المراسم، غير آبهين بالمخاطر أو تعرّضهم لقصف مدفعي أو صاروخي، ولاعتقادهم أو بالأحرى لقناعتهم كما عبّر أحد عناصر “حزب الله” لـ”النهار”: “إن العدو يدرك جيداً أن أي استهداف لجموع المدنيين، سيكون الرد عليه بالمثل وحاسماً وسريعاً”.

 

المصدر : النهار 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى