الداخلية : لا رخص « فيميه » بعد اليوم !
في أول مقابلة لها، بعد توليها لحقيبتها السيادية الثانية، كأول امرأة في لبنان تكلف بوزارتين سياديتين في مسيرتها، والأولى في الداخلية في تاريخ العالم العربي، بدت متفاجئة من القرار، وصارحت اللبنانيين بأنها لم تطلع بعد على كيفية العمل في الداخلية، ولا خطة جاهزة لها ولا وعود.
إلا أن المسؤولية التي لاقت نفسها أمامها، دفعتها الى عدم إنتظار مراسم التسلم والتسليم لبدء عملها، فقد شوهدت الحسن في الوزارة لساعات طويلة منذ أيامها الأولى بعد التكليف، بحيث سارت في أرجائها، واطلعت على كل ما يدور هناك.
ومن المعروف عن الحسن، منذ توليها حقيبة المالية، مدى تشددها بالحفاظ على الإنتظام والإنضباط الإداري، وهذا ما ستنقله معها الى الداخلية، الوزارة المكلفة أصلاً بتطبيق القانون وحمايته، وهذا ما أكدت عليه اليوم خلال تسلمها الوزارة من الوزير نهاد المشنوق.
واليوم، ونتيجة للصورة المكتملة لديها بعد أيام من السير في دهاليز الداخلية، كانت مناسبة لعرض العناوين العريضة لمشروعها الجديد، حيث أعلنت أنها وضعت خطّة تنطلق من هواجس المواطنين.
ما بدأته بالأمس، أي بإزالة العوائق الإسمنتية من أمام مبنى الداخلية، ما هو إلا “استفتاحية مباركة”، فعلى الرغم من كونه قرار يعني فئة معينة من الناس بشكل مباشر، وهم من يستقلون هذا الطريق في حياتهم اليومية، إلا أنه شكل إنطباعاً أولياً ايجابياً لدى مختلف الشرائح الشعبية في لبنان.
وأكدت أنّ “الأمن لا يتعارض مع احترام حقوق الانسان وحرية التعبير”، في اشارة منها الى أنها ستكون حارسة للحريات، بقدر ما ستكون حارسة للأمن، لا سيما في ما يخص وضع السجون التي لا يملك بعضها أدنى المقومات لتوفير الحياة الكريمة للسجناء.
دور للمجتمع المدني
التشدد في تطبيق قانون السير واستكمال ازالة العوائق غير الضرورية، عملين يقعا في صلب الخطة المرتقب تنفيذها، أما ما كان لافتا فهو اعلانها السعي لتكثيف العلاقة مع المجتمع المدني وزيادة التنسيق معه.
فمنظمات مجتمع المدني دائماً ما شكلت رأس حربة في اثارة المواضيع الحياتية التي تمس بأمن المواطن ومعيشته وصحته أيضاً، فالتشدد بمحاسبة المخالفين سواء بالسلوك أو بالتعدي على البيئة أو بالغش في البيع في السعر والنوعية، كلها أمور قد تخص وزارات أخرى، لكن الحسم على الأرض فهو للداخلية.
وللإعلام، مناشدة من الحسن، بحيث طالبت الوسائل الإعلامية والعاملين في هذا المجال، المساعدة في الإضاءة على الأمور المخلة في المجتمع. وبالتالي هي رسالة تعني أن كل ما سيضعه الإعلام برسم وزارة الداخلية، مرفق بـ”mention” للوزيرة، سيتم التعاطي معه كقضية يجب معالجتها.
المرأة أقوى اليوم
يظن البعض أن مشروع “تمكين المرأة” في الحياة السياسية الذي أكده هذه المرة الحريري بالفعل وليس قولاً، وصل الى ذروته مع تعيين الحسن كوزيرة، إلا أن للحسن رأي آخر.
هي لن تكون المرأة الوحيدة في الداخلية، ويتم حالياً تكوين فريق عمل متخصص، سيتولى معاونتها، والعنصر النسائي سيحضر فيه بقوة، بالإضافة الى أن الشخصية الإستشارية الأولى للحسن هي السيدة هلا صبغيني، التي رافقتها منذ أيام المالية، وما زالت معها حتى يومنا هذا.
أما على صعيد “المواطنات”، فتوجهت اليهن بالقول: “على كل امرأة ان تتذكر بأن كل مخفر في كل بلدة مُجبر على حمايتها”. مشيرة الى أنها ستتشدد في عقوبات الجرائم لا سيما المتعلقة بالتعنيف الأسري.
لا “للزبائنية”
في نقطة مهمة من حديثها الأخير، تمنت الحسن من الجميع، و”من الصديق قبل الخصم”، عدم احراجها بطلبات شخصية لبعض الشخصيات في الأحزاب، تقع في خانة الخدمات الزبائنية، مشددة على أنها لن تساير أحداً بذلك.
وفي حادثة طريفة نقلت عن أحد الإعلاميين الذين تواجدوا في بيت الوسط خلال اعلان الحكومة، فبعد تسمية الحسن بشكل رسمي، قال لها: “معاليكي بدي شي 3 رخص فيميه ونمرة 3 أرقام لو سمحتي”
فأجابت الحسن ضاحكة: “ايه ما هيك.. تكرم عينك”.
ونقل أيضاً عن مصدر خاص، بأن موكب الحسن لن يتعدى السيارتين بالإضافة لسيارتها الخاصة، وأن مرورها لن يشكل عائقاً لحركة السير.
يلاحظ بشكل لافت، عدم وجود أي منشور نقدي بشكل سلبي يطال الحسن، حتى من خصوم الحريري على الساحة وقاعدتهم الشعبية، وربما هدف الحريري بهذه التسمية الى تقليص الجدل الشعبي حول الشخصية التي ستتولى منصب حساس ومراقب شعبياً كهذا، كما كان الحال عليه خلال فترة تولي الوزير المشنوق له، إلا أن الأيام كفيلة بتثبيت هذا الإنطباع لدى الناس، أو بزعزعته.