اشتباك القمة.. والمأزق الحكومي

لا ريب في القول إن قمة بيروت العربية الاقتصادية التنموية في العشرين من الجاري ستتحول إلى محطة صراع جديد على خط بعبدا – عين التينة. والواضح أن موقف الافرقاء السياسيين من القمة الاقتصادية يعكس توتراً شديداً على المستوى الداخلي. فالمأزق الذي يحيط  بالمسار الحكومي وما يرافق ذلك من انتكاسات على خط التشكيل رفع مستوى التصادم وجعل القوى تستحضر الملفات الخارجية الخلافية لتحويلها إلى نقاط اشتباك وتنازع.

قد يحسب كثيرون أن ما يحصل على المستوى الاقليمي هو السبب الأساس وراء التعقيدات ذات الطابع المحلي وتعطيل  التأليف؛ في حين أن العكس هو الصحيح. فالتباسات حل العقدة السنية وتمثيل “اللقاء التشاوري” وتسمية جواد عدرا، وما رافق ذلك من تمسك كل طرف بموقفه وتلميح المقربين من عين التينة إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري خُدع بملف عدرا، وصولاً إلى تأكيد كل فريق من المعنيين أنه غير معني بحل الأزمة على حسابه، يفسر التصعيد تجاه قضيتي سوريا وليبيا، بدليل مسارعة دوائر القرار الى كشف المستور ببيانات، فأشارت اللجنة الاعلامية المنظمة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من أن”رئيس اللجنة العليا المنظمة للقمة الدكتور انطوان شقير ورئيس اللجنة التنفيذية الدكتور نبيل شديد قد زارا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ابلغهما موافقته على دعوة ليبيا على أن توجه الدعوة عبر القنوات الديبلوماسية، فتم ذلك بواسطة مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، في حين أن الرئيس بري سارع إلى نفي ما سبق، واعتبره عارياً عن الصحة، مبديا استغرابه الشديد أن يصل هذا الأسلوب من الاختلاقات والتلفيقات إلى هذا المستوى من القضايا والمقام، ومشيراً بحسب مكتبه الاعلامي، إلى أن وزير المال زار الرئيس عون بناء على طلبه محتجاً على توجيه دعوات إلى الليبيين. هذا مع الإشارة إلى أن بيان المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى لم يأت على ذكرعلى مشاركة سوريا في القمة. فالرأي الغالب من المشاركين فضّل أن يقتصر البيان على رفض الحضور الليبي، على رغم دعوة بعض الحاضرين إلى تضمينه ضرورة المشاركة السورية. 

فلو اتسم المناخ الذي أحاط بمفاوضات التشكيل بالايجابية والمرونة ، لربما كانت مواقف القوى في ما يتعلق بمشاركة دمشق أو حضور الوفد الليبي أقل حدة وأكثر مدعاة للحوار لإيجاد المخارج الملائمة، لا سيما أن طرابلس – الغرب شاركت بوفد رفيع المستوى في القمة العربية في العام 2002 في بيروت، لكن الظروف في المرحلة الماضية، تختلف بحسب مصادر نيابية في كتلة “التحرير والتنمية”، عن ظروف اليوم. 

فهل بدأ تقريص العجين على خطوط التماس الرسمية؟ 

لقد أصبحت القمة الاقتصادية جزءاً من الاشتباك الداخلي والمتصل بموازين القوى الاقليمية. فبعض الأوساط السياسية المحسوبة على الثنائي الشيعي تقول لـ”لبنان24″ إن الرئيس بري نجح مجدداً في تصيد لحظة سياسية إقليمية وها هو يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد لجهة إصراره على عدم عقد القمة من دون مشاركة سوريا أو تجاه مستوى الحضور الليبي، فهو سيكون الرابح سواء عقدت القمة أم لم تنعقد، لكونه فعل ما عليه فعله. 

وليس بعيداً، فإن حزب الله الملتزم الصمت حيال ما يجري على خط الرئاسة الأولى والرئاسة الثانية، تشدد مصادره لـ”لبنان24” على أنه يقف إلى جانب حركة “أمل” في ما خص الوفد الليبي. أما في ما خص سوريا فهو من أكثر المكونات السياسية حماسة لإعادتها إلى اطر الجامعة  الدول العربية وحضورها القمة الاقتصادية في بيروت، من دون أن تقلل المصادر من مساعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تجاه عودة سوريا إلى جامعة  العربية ومواقفه الداعمة للرئيس السوري بشار الاسد منذ بداية الأزمة، في حين أن أوساط الثنائي الشيعي قرأت في كلام الوزير جبران باسيل من زحلة عن العلاقة مع سوريا نوعاً من المزايدة لا سيما أن مواقفه الأخيرة من نهر الكلب تركت ارتدادات سلبية في الشارع السوري. 

ما سبق من تنازع على خط انعقاد القمة يؤشر إلى ارتفاع حدة التعقيدات، وسيترك انطباعات سلبية عند القادة العرب، لكنه لن يدفعها إلى عدم المشاركة، وإن كانت بعض المصادر ترجح اعتذار الجزائر والعراق عن المشاركة انطلاقا من موقفهما التقليدي المتمسك بالحضور السوري في اجتماعات القمة العربية بالدورات السابقة.

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!