ثغرة في مقتل أبو ذياب؟
سلك التوتر في جبل لبنان، أمس، منحى تخطى المواجهة الواقعة بين الدولة اللبنانية والوزير الأسبق وئام وهاب وأنصاره، إذ انعكست التداعيات على الوضع الدرزي الداخلي، إثر منح رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط غطاء سياسياً للعملية الأمنية، ووقوف الوزير طلال أرسلان إلى جانب وهاب الذي دعا الأطراف الدرزية التي تجمعها خصومة مع «الاشتراكي» إلى مؤازرته.
ويُعدّ وهاب من أبرز حلفاء دمشق من الدروز اللبنانيين، وتوجه بإساءات أخيرة إلى الرئيس المكلف سعد الحريري ووالده الرئيس الراحل رفيق الراحل، قبل أن يعتذر عنها. وأثار الفيديو غضب مناصري الحريري، وعمد بعضهم إلى قطع بعض الطرق في بيروت ومحيطها احتجاجاً على تصريحات وهاب. كما شجب مضمونها عدد من القوى السياسية، أبرزهم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. ورفع محامون في «المستقبل» شكوى قضائية، واتهموا وهاب بتأجيج الانقسامات وتهديد السلم الأهلي، في وقت شهد فيه الجبل الذي يؤيد بمعظمه «التقدمي الاشتراكي»، توتراً، يوم الجمعة الماضي، إثر معلومات عن مواكب سيّارة تابعة لوهاب يستقلها مسلحون، جالت مناطق في الجبل.
وخلال محاولة الشرطة تسليم وهاب طلبَ استدعاءٍ لاستجوابه في اتهامات بتهديد السلم الأهلي، أول من أمس، حصل إطلاق نار أسفر عن سقوط قتيل، هو مرافقه محمد أبو ذياب.
وتجدد التوتر في الجبل، أمس، إثر تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن مقتل محمد أبو ذياب. وقالت المديرة العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان أصدرته، أول من أمس، إن ضباطاً توجهوا لمنزل وهاب في قرية الجاهلية، أول من أمس (السبت)، بهدف استدعائه للاستجواب، ولكنه فر قبل وصولهم.
وأضافت أن الشرطة لم تطلق النار، ولكن مسلحين مجهولين أطلقوا النار من مبانٍ مجاورة، كما أطلق أنصار وهاب النار بشكل عشوائي، ما أدى إلى إصابة أحد مساعديه.
في المقابل، ردّ «حزب التوحيد العربي» الذي يتزعمه وهاب على بيان «قوى الأمن»، قائلاً إن «المختار قال إنه لم يشاهد عناصر تطلق النار أمام المنزل، وهذا صحيح، إلا أن إفادة الأطباء الرسمية قالت إن إطلاق النار الذي أصاب محمد أبو ذياب مصدره قناص متمركز على بعد»، لافتاً إلى أن «محمد أبو ذياب أصيب برصاص المهاجمين». وقال إن «القضاء بيننا وبين مدير عام قوى الأمن الداخلي عماد عثمان والآخرين، لأن المحامين سيتقدمون بشكوى ضده وضد الرئيس سعد الحريري».
وبذلك، تكون المواجهة مع الدولة محصورة بالقضاء الذي لا يستطيع وهاب أن ينفي تبلغه عبر المختار، وعبر الإعلام، بوجوب مثوله أمامه، بحسب ما قال مصدر قانوني لـ«الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن الإجراء القانوني في حالات مشابهة، يتمثل بوجوب مثول وهاب أمام القضاء. وفي حال لم يمثل «يصدر بلاغ بحث وتحرٍّ بحقه لتوقيفه وتحويله إلى قاضي التحقيق».
وقال المصدر: «عند مثوله أمام القضاء، في حال ذهابه إلى المحكمة بعد تبلغه، يُستجوب أمام قاضي التحقيق الذي يحيل الملف إلى مدعي عام التمييز الذي يقرر توقيفه أو تركه بسند إقامة، على أن يحاكم بلا توقيف في حال تُرك بسند إقامة».
وتحدث المصدر عن ثغرة حصلت في مقتل أبو ذياب، تتمثل في أن إجراء قضائياً لم يتم، وهو التحقيق الجنائي الذي يثبت من قتل أبو ذياب، مشيراً إلى أن أبو ذياب نقل إلى المستشفى بعد تعرضه للإصابة، ونقل من المستشفى إلى قريته حيث دُفن، ما يعني أن وهاب لم يسمح للتحقيق الجنائي بأن يتم، وهي نقطة كان يجب حسمها قبل دفنه.