دراسة نفسية للبنانيين وقادتهم
أينما ولّيت وجهك و عينيك واذنيك فإنك لراصد للتوتر العام في الشارع اللبناني، وأينما حللت تشعر ان الجميع في حالة قلق عارم .فهذا يبحث عن عمل، وذاك يخبرك انه ومنذ أشهر يصرف ما ادخره من مال، وذاك يتحدث عن معاناته مع المرض والاطباء والمستشفيات ،وآخر يتنهد وهو يعدد لك المطاعم والمؤسسات التي أقفلت، ونادرا ما ينتهي السهر من دون اشكال فردي او صراخ يعلو من هنا ومن هناك…
الزعماء اللبنانيون يعانون من اضطرابات نفسية نرجسية -اقتصادية، تشبيحية-مالية ،دموية-سلطوية، بارانوية-تبعية ،مخابراتية -سياسية متقلبة المزاج .وللأسف فهؤلاء يحكمون شعبا يعاني من إضطرابات نفسية تسودها اللاجدوى واللاإستقرار والقلق والكآبة والإجهاد ،ما يؤسس لعدم إتزان نفسي يؤدي للدعارة وللسرقة وللسلبطة وللمخدرات وللسرقة والتي ترفع مجتمعة احتمالات المرض والموت ما يعمق الجراح الاجتماعية-العائلية.
زعماء موتورون يحكمون شعبا يعاني من ازدواجية في الشخصية، بين ما يرغبه ويتمناه في سرّه ويصرح عنه لخلانه ،وبين ما يقوله ويقوم به في الشارع والعمل علنا بحجة ضرورات العيش و”الحربقة” الإلزامية للدفاع عن نفسه وسط ذئاب أو ثيران تتناطح من اجل لقمة العيش والمال الحلال او الحرام.
القادة اللبنانيون مضطربون يعانون من عقلية المقامر عند حافة الهاوية ومن عقلية العهر المكيافيلية من اجل مكتسبات مالية-سياسية ،ويحكمون اناس مضطربين يعانون من اوهام لعب دور البطولة في الدنيا وفي الآخرة ،ومن اوهام الربح والثروة السريعة ،ومن التذاكي بدفع الآخر المتحمس والشجاع وصاحب القلب الطيب ليطالب له بحقوقه او ليسجن او ليموت من اجله ،معتبرا ذلك شطارة وليس بجبن او بحقارة، تماما كخبث بني اسرائيل عندما قالوا لموسى : “قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”.
قادة يعاني معظمهم من حالة اللاشبع من ادخار الثروات ،لشعورهم الدائم انهم مهددون دوما بالعودة الى العوز والفقر لإيمانهم الداخلي العميق ان ثرواتهم ما جُمعت الا من دم وسرقة وآلام الآخرين ،وهذا أمرّ الحرام. لذلك تجدهم يفلتون نساْهم لترؤس جمعيات خيرية لعل الرب يغفر لهم ذنوبهم الأولية والقديمة ،اي عملية تبييض اموال مع الله ،كأن الرب تاجر احمق يسمع لنداء ولدعوة الشيخ او الكاهن المرتشي ويحكمون جماهير ما زالت تعاني من العبودية والتبعية وتعاني من الايمان المرضي المتعصب وعدوى الطائفية ،وما زالت تعاني من الجوع وتعتقد ان في انحنائها لقدسية الزعيم تبيّض وجهها الأسود امام ربها ونبيها و ولي نعمتها اتقاء ومسايرة للأزعر عند مفترق الطرق وكأن الازعر لأقوى من عزرائيل …
القاعدة تقول إن قادة مرضى نفسيا يحكمون مرضى نفسيون.
أما الإستثناء فهو قائم بالتأكيد ،ومن تشمله هذه القاعدة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة!
د.أحمد عياش – الحوار نيوز