هل ينفع هدوء الحريري في وقف الضربة الإسرائيلية للبنان؟

خالد صالح

ما الذي لم يقله الرئيس المكلف سعد الحريري علانية وواراه بين الكلمات ؟ .. وما هي الأسباب الحقيقية الكامنة .. أولاً للهدوء الذي إتسم به الحريري، وثانياً وراء التأخير في تشكيل الحكومة ؟..
قد يتبدّى للوهلة الأولى أن الرئيس المكلف في ظهوره الإعلامي اليوم، أن عقدة النواب الستة هي السبب الرئيس في تأخر ولادة الحكومة العتيدة، لكن الغمز في بعض مفاصل كلام الحريري وحواره مع الإعلاميين، أكد أن الأمور الخفية لم تنضج بعد، وأن محاولته تظهير العقدة داخلياً محاولة لإخفاء الأسباب الحقيقية، فالتطورات الإقليمية إنعكست على الداخل، وكأن ” أنتينات ” حزب الله والمستقبل قد إستشعرت ضرورة التروي لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود ..
صحيح أن الحريري قد أجاب حرفياً عما تضمنه خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الشكل والعناوين، لكنه سار بجانبه كخطين متوازيين لا يلتقيا حكومياً، لكنهما متفقان أن ولادة الحكومة مرتبطة بملف إقليمي شبيه إلى حد كبير بالظروف التي سبقت وأحاطت ومهدت لولادة حكومة الرئيس تمام سلام .
ما يحصل في ” غزة ” ما هو إلا مؤشر لما يمكن أن يحصل في لبنان، وهذا ما لا يريده الرجلان، الحريري ونصرالله، فـ صواريخ الـ ” كورنيت ” دخلت على خط المواجهة، وإسرائيل قلقة جداً من هذا الأمر، لهذا كانت تهدئة الحريري رسالة إلى السيد نصرالله بأن الأمور أخطر وأدق وأن إستشعارنا واحد، لا ظروف إقليمية مناسبة لحكومة جديدة ..
مراقب متابع وموثوق في أميركا أكد في إتصال مع ” مناطق نت ” إلتقاطه لهذا المؤشر وقال : ” تدخل المنطقة في مسار حساس ودقيق والضغط الأميركي يتصاعد تدريجياً في وجه إيران لسحبها إلى طاولة المفاوضات حول ملفها النووي، وما الـ ” حركشة ” بورقة حماس إلا رسالة لأميركا بأنها تملك أوراقاً تلعب بها، لهذا فإن الرئيس الحريري أراد ربط النزاع داخلياً للإستمرار في نأي البلاد عن العواصف الإقليمية القادمة ” ..
أضاف : ” قبل ولادة حكومة الرئيس تمام سلام كانت الأجواء جداً مشابهة لما يحصل اليوم، كباش سياسي حاد بين أميركا وإيران وإعتداء أسرائيلي على غزة وصواريخ القسام طاولت المستوطنات، وتلويح بضربة إسرائيلية على لبنان، وعرقلة لولادة الحكومة، وفجأة ولدت من دون أن يسأل أحد ما هي أسباب التأخير، من هنا جاءت ديبلوماسية الحريري الهادئة طاغية على إطلالته، في سعي منه لجعل الأزمة داخلياً كي يتمكن من النأي بالبلاد كرئيس للسطلة التنفيذية عما هو أدهى وأمر ” ..
وقال : ” مجموعة الثمانية وإيران وملف التنقيب عن الغاز وتفاصيل الصورة الإقليمية الجديدة والدور التركي، تدفع الجهات الإقليمية والدولية للمبارزة بما تملكه من أوراق لتمرير الشروط والشروط المقابلة، من العقوبات إلى ولادة الحكومة اللبنانية إلى ملف إدلب وملف الخاشقجي، كلها قطع بازل تتحرك من هنا وهناك لإكتمال المشهد الأساس، أين سترسو أميركا وإيران في مفاوضات الملف النووي ” ..
وختم : ” تشكيل الحكومة اللبنانية يدخل في صلب الصورة، ومن خلالها أيضا ستحاول سوريا الدخول على خط المناورة في محاولة لزرع أحد رجالاتها في الحكومة، ليس لعرقلة سعد الحريري كما يظن البعض، بل محاولة لإثبات حضورها الأقليمي ولو عبر الخاصرة الإقليمية الرخوة، الساحة اللبنانية ” ..
قرأ سعد الحريري المعطيات من خلال التماس المباشر مع قادة العالم في مئوية الحرب العالمية الأولى، كما المعطيات بيد السيد نصرالله، لذلك ترك تصعيد الأخير لثلاثة أيام كي يمتص رد الفعل ويخرج بلغة هادئة، يشرح التفاصيل السطحية بدقة ويبتعد قدر الإمكان عن الأسباب الجوهرية، فبدا كمن يسير على ” العجين فلا يلخبطه ” .. وإلتقط أنفاسه، وخرج بلا تنازل وبلا تصعيد ..
دخول الـ ” كورنيت ” أقلق إسرائيل جداً، كما كان دخول الـ أس ٣٠٠ قبل فترة سبباً في تغيير المعادلات، وسيشتد الكباش الأميركي – الإيراني، في صورة تنذر بما هو أوخم ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى