رسالة تحذير في بيروت حدودها اسبوعين
خلافاً لما يتردد عن أن العقد التي تعيق تشكيل الحكومة داخلية لا خارجية، يؤكد المسار المتبع في عملية التأليف أن جزء من العقد يستبطن في جيوب خارج لبنان، لكن يفضل عدد من المرجعيات السياسية الرئيسية، الرسمية وغير الرسمية، ابعاد الضوء عنها.
يتسلّل من نقاشات تدور داخل مجالس سياسية أن عملية ابعاد العقدة الخارجية عن الضوء لا يعود سببها إلى الحرج منها بقدر ما يترتب عن ذلك نية في عدم استهلاكها أو استخدامها كي لا تزيد أمور التأليف تعقيداً.
وتعتقد الأوساط المعنية أن عملية التأليف بحاجة اليوم الى دفع دولي قد يتوفر بعد لقاء هلسنكي الذي سيجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في 16 تموز الحالي، معنى ذلك ان زمن كلمات السر مرشح للعودة في كل مرة تحتد فيها مواقف الافرقاء ويقفون على قارعة الطريق دون قدرة لهم على بلورة او انتاج حل.
في الأسابيع الأخيرة تواترت معلومات عن رسائل أميركية وضعت لدى مجالس سياسية “أساسية ومعنية” تتعلق حصراً بالملف الحكومي حملت دعوات الى التريث بالتشكيل قليلاً حتى تتجلى صورة ما بعد القمة المرتقبة.
لكن تبين لمعنيين أن جزءً مما تحمله هذه الرسائل ولو ان مصدرها خارجي لكنها تتعلق بشق داخلي يتوضح في عملية “رصد وتدقيق” حول ما يريده حزب الله من الحكومة تحديداً.
وعلى هذا الاساس، راج في الفترة الاولى من عملية التكليف، تسيد رأي اتضح ان دبلوماسيات غربية مدعومة عربياً تقف خلف طرحه من باب جس النبض، يقوم على استطلاع الاسباب التي تحول دون تأليف حكومة تكنوقراط لا ترعى التمثيل الحزبي وتسهم في رفد المشاكل المحلية بحلول، فتبين سريعاً ان هذه الدول لا تريد تعميم نتائج الانتخابات على شكل الحكومة، وتسعى لنزع الحكومة عن نتائج الانتخابات.
ولا تخفي الأوساط ذاتها أن مثل هذا الموضوع جرى طرحه ضمن غرف مغلقة، لكنه سقط سريعاً مع تدارك ان الحلفاء الفائزون في الانتخابات لن يقبلوا باي امر مماثل على اعتبار انه يستهدف حضورهم وحقوقهم، فجرى تجاوزه.
طبيعي ان الدول الغربية خصوصاً الولايات المتحدة ترفض ترجمة ما حققه حزب الله وحلفاؤه في الانتخابات على شكل مقاعد في الحكومة. ويقوم ذلك على رفض تعميم مصطلح “التوازنات الاحادية” على كل مؤسسات الدولة اللبنانية وجعلها تقبع تحت سيطرة جهة سياسية واحدة من دون وجود عناصر قوة مشاركة تذهب لفريق ثانٍ.
وعلى هذا الأساس، طلبت واشنطن بشكل واضح عبر سفيرتها في بيروت إليزابيث ريتشارد، البدء بحملة استقاء معلومات على قاعدة التحقّق من وضع حزب الله داخلياً وانعكاس ذلك على وضعه في الحكومة العتيدة كحضور في المقاعد ونوعية في الحقائب.
وقد بدأت عقب عودتها من واشنطن عملية الاستقاء المطلوبة من خلال لقاءات عدة اجرتها مع شخصيات، وطلبها المساعدة على تحديد دور حزب الله الجديد وموقعه من الحكومة.
وانطلاقاً من المواجهات السياسية الضارية التي تحصل على الحلبة المحلية، يفهم انها ستبقى ضمن هذا السقف المرتفع منذ الآن وحتى بدء تسرب نتائج القمة مع احتمال تفاعلها في حال لم تلج القمة الى حلول منفعية في القضايا المرتبطة بلبنان، كالحرب في سوريا مثلاً، وربما ستبلغ مستويات اعلى في حال لم يجرِ “تهذيب مطالب حزب الله” (وفق الرؤية الغربية) داخلياً.
وعلى اساس ذلك، تتوقع قوى سياسية عدة ان تطول مرحلة تشكيل الحكومة. وتبين هذه المقولة وجود معلومة سربها زوار مرجعية حكومية اساسية تقول بشكل واضح أن “لا حكومة لا يرضى عنها الغرب”، معنى ذلك أن مسألة ابصار الحكومة النور لن يحصل طالما ان التشكيلة الحكومية الموعودة لم تتبلور بعد من حيث الاحجام والحقائب حتى يتسنى للغرب الاطلاع عليها.
وفق هذا الرأي عممت مراجع لبنانية تحذيراً سمع صداه لدى أكثر من مجلس، قوامه انه وفي حال لم تولد الحكومة خلال مدة اقصاها اسبوعين بدءً من الآن، فان الامور ذاهبة نحو التصعيد وقد يطول التشكيل حتى الخريف المقبل، اي ضمن فترة ايلول ــ تشرين الأول المقبلين”.
وقد تسبب هذا التسريب بـ”استياء بالغ” لدى مرجعيات رئاسية تشعر ان الموضوع من خلف التأجيل لا يستهدف حزب الله وحده بل يطاول العهد نسبة الى المواقف التي يتخذها والمحور الذي يحسب عليه سياسياً.
خلال الايام الماضية حاول البعض استجداء حلول من دول اوروبية عساها تسهم في التدخل لدى واشنطن للمساهمة أكثر في انجاز الحكومة.
ووفق مصادر معنية، طلبت بعثات اوروبية تقيم في بيروت من سائليها فتح قناة لتواصل مباشر مع قيادة حزب الله وفهم ما يريده وخطواته المقبلة والسيناريو الذي يضعه في باله لأمرين؛ ما بعد تشكيل الحكومة وفي حال طال امد التأليف.
وتحسب مصادر معنية ان هذا التواصل لم يحصل بعد، وأن الحزب يفضل لقاء الدبلوماسيين الفرنسيين على غيرهم، موضحةً أنه في آخر تواصل حصل بين الجانبين قبل فترة قصيرة، كرّر حزب الله مطلبه بأنه “مع الاسراع بالتشكيل، أما لنفسه، يطالب بحصته المعروفة لا أكثر ولا اقل”