أهلًا بكم في حاصبيا التي حاص حولها التّاريخ “بقلم سلام اللحام”

صدى وادي التيم-رأي حر بأقلامكم/

على بساط الزّمن ، وعلى كتف وادي التّيم تقف حاصبيا البلدة الجنوبيّة العريقة ، التي تختزل الحضارات والعصور، من البيزنطيّ إلى العثمانيّ والشهابيّ وغيرها من الأمم التي عبرت من وإلى “حاصبيا” بلدة التاريخ الحضارة الإبداع والثّقافة .
حاصبيا حكايتها مع الزّمن لا تنتهي ، وهي التي كانت عاصمة الحكم الشهابيّ في وادي التيم، فالتاريخ ما يزال حاضراً في هذه البلدة االجميلة الواقعة في محافظة النبطية الجنوبيّة. ورغم دخول الحداثة والطراز العمراني الجديد إليها ، إلا أنها ما تزال محافظة على البيوت التراثيّة، التي تعدّ إحدى ميزاتها.
وما إن تدخل إليها تستقبلك أشجار الكينا باسمة مرحبة ، فتفتح يديها لترحب بكل زائر ، أماأشجار الزيتون الخضراء فترسل لك السّلامات والتحايا ، حتّى الأزهار تستفيق من سباتها وتبعث لك عطرها النّدي ،وتهمس للعصافير المغرّدة بحرّية وأمان ،معلنةً وصولك إلى مدينة الجمال والكرم والعطاء.

تختصر البيوت التراثية في بلدة حاصبيا حكاية تاريخ وجغرافيا بلدة بكاملها. بلدة تتمتع بطبيعة جميلة وبيوت تاريخية وقلعة شهابية يتجاوز عمرها 3500 عام، إذ تتعرف إلى الوجه الآخر من الحياة، وعلى نمط آخر من البيوت التراثية العتيقة ذات الحجارة المعقدة والنوافذ الخشبية، والتي يسعى الأهالي إلى الحفاظ عليها.
لن أتحدث عن تاريخ البلدة الغني بالمحطات المفصليّة ،الذي عرف أممًا وحضارات متعددة يعود تاريخ نشأتها إلى القرن الثالث قبل الميلاد ،حيث توافدت إليها شعوب مختلفة آرامية رومانية صليبية وعرب …إنّما يستوقفني العيش الواحد في هذه البلدة الخالدة إلى جوار جبل حرمون ،أفدس الجبال في التاريخ ، وهي حاضنة مزار روبين أحد أخوة يوسف الصديق أبناء يعقوب ، وتعتبر محجًّا لعبادة بعل جاد ،إله الحظ عند الشعوب القديمة ، وهي قبلة الموحدين الدّروز في خلوة البيّاضة الشّريفة ،حيث يروي المؤرخ غالب سليقا في كتابه “تاريخ حاصبيا وما إليها” أنّ السيد المسيح لربما زار مع تلاميذه حاصبيا وقدّسها أثناء تنقلاته التبشيريّة ،ووصوله إلى صيدا وصور وتعريجه على جبل التّجلي ، جبل حرمون ، ويلف الإنتباه المسجد الشريف وقد شمخت مئذنته الخضراء بهلالها الدّاعية إلى الخالق بتقوى وخشوع ، وهي الحارسة الدّهرية رمز الإمارة الشّهابيّة ، إلى جانب الكنائس السّبع التي تقرع أجراسها وتعبق بعطر البخور والإيمان .

حاصبيا بلدة تمتلك كل مواصفات الجمال ومقومات السياحة ، فهي hespayye كما في السريانية (معامل الخزف والفخاريات ) ، وهي تتمتع بطبيعة جميلة وبيوت تاريخية ، وأدراج عملاقة تحملك من حيّ إلى آخر، إنّها بلدة الخيرات ،بلدة الزيتون والحمضيات ، وهي الغنيّة بثقافة أبنائها وكرمهم وجود أخلاقهم ، وسهرهم الدّائم على راحة المنطقة ،ولا نغفل عن دور البلدية وما تقوم به في سبيل تقديم الأفضل والأرقى ،وهي تدعو الغريب والقريب لزيارتها بكل فصولها وعلى مدار الأيام والسّنوات ، للتّمتع باستكشاف أماكنها الطّبيعية الخلاّبة والأئريّة والدّينيّة والتّوقف عند أسواقها التّجارية ومنتوجاتها الطبيعيّة ،إلى جانب ينابيعها الرقراقة ، والأهم استقبال أبنائها وكرم الأخلاق والجود ،ومحبتهم وحسن ضيافتهم …..
أهلًا بكم يا أحبّة في بلدتي الحبيبة حاصبيا التي حاص حولها التّاريخ ، وبقيت عصيّة على كل فاتح ، فاجترحها الله مقدّسة مباركة ، مكللة بعطر القداسة والنور .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى