فضيحة المحارق… 2.4 مليار دولار وتهديدات بالقتل
عاد شبح المحارق ليخيّم على لبنان وعادت معه ملاحم الدفاع المستميت عن المحارق
المحارق الـ 7 التي ستأتي إلى لبنان هي من الجيل الخامس الممنوع من العمل في أوروبا
سعر المحرقة الواحدة على لبنان 350 مليون دولار بينما كلفتها الحقيقية 8 مليون دولار
كلفة مشروع صفر نفايات في قطر لمعالجة 15 ألف طن نفايات يوميا 400 مليون دولار
طالبت الحكومة من السفارة الأميركية التواصل مع بدر لعدم التصويب على المحارق
“ليبانون ديبايت” – نهلا ناصر الدين
بعد تهريب مشروع قانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في جلسة اللجان المشتركة عاد شبح المحارق ليخيّم على لبنان، وعادت ملاحم الدفاع المستميت عن المحارق، لتبرز بقوة، علما أن شخصاً ما باعهم كلاماً في الهواء عن مواصفاتٍ تفرّد (الكاتالوغ) بجديتها، وراح المستفيدون من صفقات تشغيلها يبيعون بدورهم هذا الكلام للشعب اللبناني، متخذين من التهديد بعودة نفايات الشوارع جسراً للعبور إلى لبنانٍ “مسرطن” بفعل محارق نفايات استغنت عنها الدول المتحضرة، ورأى السماسرة في دول العالم الثالث مكانا مناسبا لبيعها بعد أن توقفت عن العمل في دول المنشأ لما تسببه من أذى على البيئة وصحة المواطنين.
حلولٌ كثيرة بادر أهل الاختصاص لطرحها على مسامع المعنيين، لكن “على من تقرأ مزاميرك يا داوود”، فطبخة المحارق التي وُضعت على نارٍ حامية مؤخراً، أخذت الكثير من الوقت والجهد لتنضج، والملايين التي سيعود ريعها إلى جيوب المعنيين كفيلة بسكب الزفت في آذانهم لتطنيش الحلول البديلة، والانتشاء بصفقات موسم النفايات الجديد، الذي اقترب حصاده.
عن هذه المحارق يتحدث المدير التنفيذي لشركة “واستينغ ليميتيد انترناشيونال” اللبناني عماد بدر، وهي الشركة المصنفة كأهم وأكبر شركات تنظيم النفايات في العالم، ولديها 40 سنة من الخبرة البيئية وتعمل بموجب معايير عالمية للسلامة، وعملت على إيصال 150 مدينة حول العالم إلى صفر نفايات.
يؤكد بدر في حديث خاص لـ”ليبانون ديبايت” أن المحارق الـ 7 التي ستأتي إلى لبنان هي من الجيل الخامس الممنوع من العمل في أوروبا، ورأس المحرقة “صيني” من تصنيع شركة “بانتون”. ويتم الحديث عن محارق بحرية في لبنان، ومعروف أن الهواء في بلدنا 80 في المئة منه غربي يأتي من البحر و2 في المئة منه شرقي يأتي من سوريا، ما يجعل من مدى التلوث الذي تنشره المحرقة يصل إلى 50 مايل، أي 75 كلم.
ويتم الترويج لهذه المحارق على أن كل واحدة منها ستحرق 1000 طن من النفايات يومياً، للتخلص من نفايات كل لبنان التي تبلغ “7000 طن يومياً”، إلا أن هذه المحارق تعجز، حسب بدر، عن حرق أكثر من 400 طن كحد أقصى، عدا عن أنها تحرق النفايات التي يمكن الاستفادة من إعادة تدويرها، وتحرق النفايات بدرجة 850 درجة، وهي الدرجة الممنوعة في العالم وغير الكفيلة بالحرق الجيد، أما كلفة هذه المحارق وهي بحسب المروجين لها تبلغ 350 مليون دولار، بينما يجزم بدر أن كلفة شراء وتركيب هذا النوع من المحارق لا يتجاوز 8 مليون دولار، أي بفارق 342 مليون دولار في المحرقة الواحدة، فإلى أين ستذهب كل هذه الاموال ؟؟؟!!!
ويكشف بدر عن مشروع بناء تشغيل وادارة النفايات الصلبة والخطرة ومحطة بيئية في قطر، ستتعهد بتنفيذه شركة “واستينغ ليميتيد” على مدى 20 سنة، وهو لمعالجة وفرز 15 ألف طن نفايات ومعالجة 6 مليون برميل مياه صرف صحي يومياً، بمساحة 200 ألف متر مربع للمصنع مع مساحة لا تقل عن 100 ألف متر مربع لبناء المجمع الزراعي العضوي، بكلفة 400 مليون دولار، وهي الكلفة التي تقارب سعر المحرقة الواحدة.
وبالعودة لتفاصيل الحل الذي هو صفر نفايات، يشير بدر باختصار إلى أنه يعتمد على الفرز الممكنن الذي يستطيع فرز 80 في المئة من النفايات، وال 20 في المئة المتبقية يتم معالجتها في معمل خاص للفرز بالجاذبية، وهو عبارة بركة مياه كبيرة عليها فرّامة تقوم بفرم النفايات لتصل إلى عرض 2 سنتيمتر، تطفو النفايات الخفيفة على سطح المياه وترقد الثقيلة في قعر البركة، يتم الاستفادة من الأولى كمواد أولية خام (خشب وبلاستيك) أما الزيوت فتوضع في جهاز تكرير خاص تخرج منه الزيوت مياه صالحة للشرب (مقطّرة). أما الثقيلة فتُعالج في فرّامة خاصة ويتم تحويلها إلى رمول يمكن استعمالها في صناعة أحجار الأرصفة.
وهو الحل الذي قام بدر بطرحه على كل من بلدية طرابلس، بلدية برج حمود، النائب نجيب ميقاتي، اللواء أشرف ريفي، مستشاري الحريري في طرابلس وبيروت، نواب حزب الله، محافظ الجنوب، ووزارة البيئة. ولم يلقَ أي تجاوب، بل وصلت له تهديدات وتحذيرات للتوقف عن التصويب عن المحارق والحديث عن الحل البديل، وقيل له بصريح العبارة “لا بقى تحكي بالموضوع المحارق ستأتي، وأعلى ما بخيلكم اركبوه”، كما تواصلت شخصيات سياسية وازنة مع السفارة الأمريكية التي تواصلت بدورها مع الشركة التي يعمل لصالحها بدر، بما أن مركز عملها في واشنطن، وأوصلت لبدر أن الحكومة اللبنانية تطالبه بالكف عن تناول الموضوع لما له من حساسية لدى الحكومة.
نهلا ناصر الدين |